على مدار السنوات القليلة الماضية تضاعف عدد ضحايا حوادث الطرق فى مصر، الأمر الذى دعا إلى مناقشة عوامل السلامة والأمان على الطرق المصرية وداخل السيارات والتى تتسبب بها أساليب القيادة. للحصول على نظرة أكثر عمقا حول حالة سلامة الطرق المصرية، وأحد الحلول المقترحة لحل مشكلات المرور والسلامة والأمان على الطرق المصرية كان لنا لقاء مع د. خالد مصطفى الحاصل على شهادة الدكتوراه فى السلامة على الطرق وفى السيارات من جامعة واشنطن، عمل مع الإدارة الوطنية للسلامة على الطرق الأمريكية فى أبحاث متعلقة بالتصادم بين السيارات كما تضمن عمله دراسة سيارات محددة والعمل مع المستشفيات لتحديد أنواع الإصابات الناتجة عن السيارات وتطوير أنظمة السلامة والأمان فى السيارات لتصبح أكثر أمانا.
ما هى أهم المشكلات التى يواجهها المرور المصرى من حيث السلامة والأمان والأبحاث المتعلقة بهما؟
أولا هناك غياب كامل لأبحاث السلامة والأمان العلمية، ولا يوجد بيانات دقيقة خاصة بحوادث السيارات، لا يوجد سوى أعداد الوفيات ولا يوجد قوانين صارمة لجمع البيانات الخاصة بالحوادث أو حتى طريقة لجمعها ما يجعل البحث العلمى فى مصر أعمى لأن الباحث لا يمكنه الحصول على المعلومات الدقيقة لدعم أبحاثه. فى مصر عدد الوفيات الناتجة عن حوادث السيارات هى 13 ألف وهى نسبة مرتفعة جدا لأننا لدينا 6 مليون سيارة فقط، الشيء الآخر هو أن تعريف الوفيات الناتجة عن الحوادث حول العالم هو كل من تسبب الحادث فى وفاته أثناء الحادث أو خلال 30 يوما، بينما هنا فى مصر نحن نقوم بحساب الوفيات أثناء الحوادث فقط لذا فإن رقم 13 ألف سنويا ليس رقما دقيقا. إلى جانب ذلك فإن عامل الخطر فى قيادة السيارات فى مصر أكبر بنسبة 20%.
ما هو السبب وراء ارتفاع عوامل الخطر على الطرق المصرية؟
هناك ثلاثة عوامل أساسية فى السلامة وهى العوامل التى تحدد خطورة أى حادث وهى أولا الطريق أو البيئة المحيطة بالطريق، وثانيا السيارة أو المركبة بشكل عام وقد تكون دراجة أو سيارة أو شاحنة وأخيرا العامل البشرى سواء قائد السيارة أو الدراجة أو المشاة. لدينا الكثير من المشكلات فى كل من تلك العوامل، أولا بالنسبة للطرق، ليس لدينا طرق مبنية بشكل سليم، هناك مواصفات موجودة بالفعل فى معهد بحوث البناء ولكن بالرغم من أنها صارمة جدا لا يتم تطبيقها على الإطلاق. هذا بالتالى يؤثر على طريقة القيادة، لسنا فى حاجة لقائد سيارة ملتزم لكى نقوم ببناء الطريق صحيحا، ولكن أن يكون الطريق مبنى بشكل سليم كى يلتزم القائد. بالنسبة للسيارات، فهناك غياب تام لقوانين أو جهاز يلزم صانعى ومستوردى السيارات بمواصفات معينة للأمان والسلامة. نحتاج أيضا إلى قانون مرور يتم تنفيذه فيما يخص القيادة، والعقوبات الخاصة بها، ويجب أن يكون ذلك القانون مبنيا على دراسة وليس رؤية تنفيذية فقط.
ما هى رؤيتك لإصلاح تلك المشكلات فى مصر؟
تعانى مصر من خسارة ما يقرب من 80 مليار جنيه سنويا على الاقتصاد بسبب السلامة على الطرق، علاوة على 13 ألف حالة وفاة سنويا، إنشاء جهاز مسئول عن سلامة الطرق فى مصر سيكون من شأنه تحسين الاقتصاد وإنقاذ أرواح المصريين. يجب أن يكون لدينا جهاز يضم كوادر علمية ملمة بالعلوم الثلاثة التى ذكرنها، كل على حدى، ويكون له إدارة ملمة بالعوامل الثلاثة ويقوم بالتنسيق بينها، هذا الكيان الإدارى قد يكون حكوميا أو شبه حكومى لكى يكون لديه القدرة على تنفيذ رؤيته المتكاملة للإصلاح.
يجب أيضا أن يكون هذا الجهاز مستقرا وله تمويل جيد. وليس مجرد مجلس دون سلطات حقيقية لتنفيذ رؤيته. سيكون دور هذا الكيان هو دراسة علمية تنتج عنها مواصفات وقوانين وقرارات ملزمة ويتم تنفيذها بصرامة، كما أنه سيكون من واجبه وضع أولويات لتحقيق أفضل سلامة على الطرق وبشكل علمى وليس مجرد تنفيذى. لدينا بعض الكوادر فى مصر نحن قادرين على الاستفادة منهم لإنشاء هذا الجهاز الذى بدوره سيكون قادرا على تنمية كوادر جديدة على مدار الأعوام القادمة..
ولدى مقترح مكتوب بشكل الجهاز والتوصيات الخاصة به، وأعمل الآن مع مجموعة من رجال الأعمال والأحزاب والمنظمات المستقلة لوضع مشروع قانون لطرحه على مجلس الشعب فى محاولة للحصول على موافقة لإنشائه بالفعل. وعندما يتم ذلك سيستطيع هذا المجلس إصلاح الكثير من اقتصاديات الدولة، لأن حالة الطرق تؤثر على العمالة والقدرة على العمل والإنتاج وتوفير الكثير من المصروفات المهدرة والموارد ومنها الوقت أيضا، سيكون لدينا القدرة على إصلاح مواصفات السيارات وإمكانية صناعتها وتصديرها، سيكون لذلك أثرا على السياحة لأن ارتفاع السلامة على الطرق سيجذب السياح.