اقترح المشاركون فى أعمال المؤتمر السنوى لـ «المجلس المصرى للشؤون الخارجية» تشكيل هيكل وطنى فى مصر لإدارة العلاقات مع دول حوض النيل يتمتع بدرجة عالية من الكفاءة والتنظيم والرؤية المستقبلية والقدرات الفنية والتكنولوجية والإدارية.
جاء ذلك خلال الحلقة النقاشية التى عقدت ليل الثلاثاء فى ختام أعمال المؤتمر الذى عقد تحت عنوان «الأمن المائي لمصر: الواقع والتحديات».
وأوصى المشاركون بضرورة إنشاء وزارة دولة لحوض النيل كوزارة سيادية ترتبط برئيس الدولة مباشرة فى إطار من التنسيق وتوزيع الأدوار مع مجلس الوزراء وأجهزة الدولة المعنية، بالإضافة إلى إقامة مجلس قومى للمياه والأمن المائى يشرف على دراسة ومراجعة وتطوير ومتابعة استراتيجيات وسياسات مصر المائية، ووضع خطط لترشيد الاستخدامات المحلية للمياه.
كما اقترحوا أن تتقدم مصر بمبادرة جديدة وخلاقة ومدروسة بعناية لإدارة العمل المائى المشترك من خلال اتفاقية أو منظمة إقليمية للتكامل مع حوض النيل يتم التشاور بشأنها مع هذه الدول، وإنشاء صندوق مصرى حكومى لتمويل المشاريع التنموية والمائية لدول حوض النيل يتولى الربط بين سياسات وخطط التنمية والمياه فى دول الحوض ويتلقى دعما لموارده المالية والفنية من المؤسسات الإقليمية والدولية ويؤدى إلى توثيق العلاقات والمصالح فيما بين الدول.
وفى هذا الإطار، دعا الدكتور محمود أبو زيد وزير الموارد المائية والري السابق الرئيس الشرفى للجنة العالمية للمياه إلى ضرورة النظر إلى موضوع المياه فى إطار ما يسمى بــ«المياه الافتراضية»، مشيرا إلى أهمية أن تكون سياسة مصر متكاملة فى هذا الصدد.
وطالب أبو زيد مصر بضرورة الاستثمار فى دول حوض النيل وخاصة فى القطاع الزراعى، لا سيما أن بعض دول الخليج قد بدأت فى ذلك، محذرا فى الوقت ذاته من التدخلات الخارجية (فى إشارة إلى إسرائيل) ليس فى دول منابع النيل فحسب ولكن أيضا فى جنوب السودان.
ولفت إلى التحديات التى يواجهها الوضع المائى فى مصر، وقسمها إلى تحديات داخلية وخارجية: الداخلية مثل تنظيم استخدام المياه ومنع التلوث، أما الخارجية فأهمها ثبات حصة مصر المائية حتى الآن فى وقت يتزايد فيه عدد السكان.
ومن ناحيته، طالب الدكتور فاروق حسنين مخلوف الاستشارى الاقتصادى والإستراتيجى عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية ولجنة حوض النيل بالمجلس بضرورة أن يكون لمصر رؤية ثابتة ومترابطة لإدارة مياه النيل والعلاقات مع دول الحوض وأن يكون لها وجود راسخ ومستمر فى المنطقة.
وقال مخلوف إن هناك عددا من المقترحات حول إستراتيجية التكامل الشامل بين دول حوض النيل تشمل ثلاثة أبعاد هى: المياه، الاقتصاد، السياسة، موضحا أن البعد المائى يهدف إلى تحقيق التكامل الجماعى والقطرى والاستفادة القصوى من موارد النيل الحالية والإضافية لدول الحوض على أساس تعظيم النفع لكل الأطراف ومنع الإضرار بأى طرف مع الاعتراف بمصالح كل دول النيل واحترام الحقوق المائية المكتسبة وفقا لاتفاقيات تاريخية سابقة.
وأكد أن هدا البعد يتطلب عقد اتفاقية جديدة تحقق الأمن المائى والمصالح المشروعة، وإنشاء آلية مشتركة لإدارة أزمات مياه النيل، ووضع سياسة وآليات مشتركة لإنشاء السدود والخزانات للمياه والطاقة والإشراف الجماعى عليها.
وأوضح أن البعد الاستراتيجى للتكامل الاقتصادى بين دول حوض النيل يهدف إلى تعجيل وتكثيف التنمية الاقتصادية والاجتماعية المشتركة والقطرية ورفع مستوى معيشة شعوب الحوض وزيادة الاستفادة من الموارد وخلق قاعدة صلبة لمصالح مشتركة، موضحا أن التكامل السياسى بين هذه الدول يهدف إلى بناء محاور متعددة الأغراض لتعميق الروابط وتبادل المنافع وتفاعل المجتمعات على المستويات الرسمية والشعبية فى كل المجالات السياسية والفنية والثقافية والعلمية والإعلامية والمعلوماتية والرياضية والصحية.
وبدوره، أكد السفير محمد شاكر رئيس المجلس المصرى للشؤون الخارجية أهمية الحفاظ على حصة مصر من مياه النيل إن لم يكن زيادتها فى المستقبل بسبب الزيادة السكانية، مشيرا إلى أهمية التركيز على المياه الجوفية وأن يتم استخدامها بطريقة سليمة لا تؤثر على استغلالها فى المستقبل.
وشدد شاكر على ضرورة أن يتم البدء فى الحديث عن تحلية مياه البحر خاصة أن مصر تطل على البحرين الأحمر والمتوسط، موضحا أن إزالة ملوحة البحر لتوفير مياه الشرب أو الزراعة لا بد أن تكون هدفا.
ومن جانبه، اعتبر هانئ رسلان خبير الشؤون الإفريقية رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام عضو المجلس المصرى للشؤون الخارجية أن العلاقات السياسية مع دول حوض النيل تسير بشكل معقول فى الوقت الحالى، كما أن هناك تبادلا اقتصاديا متزايدا بين مصر والدول الإفريقية فضلا عن تبادل الزيارات وبدأت مصر تتوجه بحزمة من السياسة التعاونية تجاه هذه الدول.
وبدوره، قال الدكتور مغاورى شحاتة أستاد مصادر المياه بجامعة المنوفية إن أسطورة جفاف نهر النيل وغرق الدلتا ما هى إلا «خدعة سياسية» الغرض منها إضاعة وقتنا، مشيرا إلى أن مسألة التغيرات المناخية ما هى إلا صراع سياسى بين الدول الصناعية.
ومن جهته، قال الدكتور ضياء الدين القويصى وكيل أول إدارة المياه بوزارة الموارد المائية سابقا إن إدارة مصر لملف مياه النيل فى الوقت الحاضر تتطلب مراعاة الزيادة السكانية، وعلاقة مصر بدول منابع النيل، والتغيرات المناخية.