فوجئ الشعب المصرى الأسبوع الماضى بقرار الحكومة المصرية الجرىء بتحرير سعر صرف الجنية أمام الدولار.. فعلى لسان محافظ البنك المركزى فى مؤتمر صحفى عالمى قرر البنك المركزى المصرى تعويم سعر صرف الجنيه ليتم تحديده وفقا لآليات العرض والطلب فى السوق. كما قرر أيضا رفع أسعار الفائدة 300 نقطة أساس فى خطوة تهدف إلى استعادة التوازن بأسواق العملة والسيطرة على التضخم الذى قد يحدث بسبب تحرير سعر صرف الجنية.
وتبع هذا القرار وفى نفس ليلة الإعلان عن تحرير سعر صرف الجنية تحريك لأسعار المحروقات على اختلافها وهو ما أثار قلق وحيرة المصريين جميعهم فمنهم من يرى أن القرار كان من الواجب أن يتم التمهيد له للمواطنين وألا يكون فجأة ليمثل «خضة» لهم. فى حين أعلن بعض ممن يعملون فى مجال البنوك إن البنك المركزى خفض سعر صرف الجنية المصرى من 8.88 جنيه للدولار إلى 13 جنيها وذلك كسعر استرشادى كما سيعطى الحرية فى تحديد أسعار الشراء والبيع للعملة لحين توافق السوق على سعر حقيقى..
كما أعلن محافظ البنك المركزى طارق عامر أيضا فى بيانه أن البنك سيلغى قائمة أولويات الاستيراد ويقلص تدريجيا التمويل النقدى. ويأتى هذا القرار فى وقت يعانى فيه الاقتصاد المصرى من انخفاض الاحتياطى من الدولار مما ترك انعكاسات سلبية على الجنية المصرى حيث تجاوز سعر صرفه فى السوق السوداء أو الموازية أكثر من 18 جنيها للدولار وهو رقم لم يصل إليه السعر منذ نشأت الدولة المصرية الحديثة.. كما نص القرار أيضا على ترك حرية تحديد سعر الدولار لكل بنك من البنوك العاملة داخل السوق المصرية وفقا لما تراه بدون أى تدخل من جانب البنك المركزى وهو ما يعنى أن هذه العملة الصعبة سيُترك سعرها وفقا لعوامل العرض والطلب.
السوق السوداء
ومن شأن هذا القرار أن يقضى إلى حد بعيد على السوق الموازية والتى تسببت فى زيادة سعر الدولار بمقدار الضعف عن السعر الرسمى المعلن كما أنه ووفقا لآراء الخبراء سيرفع صافى احتياطى النقد الأجنبى لدى البنك المركزى إلى ما يزيد عن 20 مليار دولار.. تداعيات القرار كان لها مردود ليس فقط على المستوى المحلى والإقليمى بل كذلك على المستوى الدولى حيث علق جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى على القرارات الأخيرة للحكومة المصرية من تعويم أسعار صرف الجنيه المصرى ورفع أسعار المحروقات فى تصريحات صحفية وفقا لما جاء على أحد المواقع الإخبارية قال فيها إن الحكومة المصرية اتخذت خطوات مهمة كجزء من برنامجها المستمر للإصلاح الاقتصادى حيث يدل تحرير نظام صرف العملات الأجنبية وخفض الدعم المكلف للوقود على عزم لوضع البلاد على طريق التعافى الاقتصادى. مضيفا أن المهمة أمام الدولة المصرية مهمة شاقة ولكن من المشجع أن القادة المصريين يبذلون القرارات الصعبة اللازمة لنقل البلاد نحو الازدهار.. وبالطبع فإن قرارات الإصلاح الاقتصادي الصعبة سيكون لها تأثيرات مهمة على أسعار السلع والخدمات التى ستقدم للمواطنين ومن ضمن تلك السلع السيارات والتى تشهد سوقها منذ فترة حالة من الارتباك والتخبط مع الارتفاع الكبير فى أسعار جميع السيارات نتيجة للجوء المستوردين سواء الوكلاء أو الموزعين للحصول على الدولار اللازم لاستيراد سياراتهم من السوق الموازية والتى شهدت قفزات يومية كبيرة خلال الفترة الأخيرة مما انعكس على أسعار بيع تلك السيارات وقلة المعروض وخلق نوع من الإحجام من جانب العملاء على الشراء.. وفور صدور قرارات المركزى صدرت تصريحات متسرعة من وهنا وهناك داخل سوق السيارات بأن تلك القرارات ستؤدى إلى انخفاض أسعار السيارات بنسب معينة.. وتلك الآراء لم تنتظر حتى مرور 48 ساعة قبل الإدلاء بأى من تلك التصريحات والتى تعد مؤشرا لدى الكثير من المستهلكين لاتخاذ قرارهم نحو شراء سيارة.. وإن كان الرأى الذى بنى عليه هؤلاء هو الهبوط السريع لسعر الدولار عقب صدور القرارات حتى كسر حاجز الـ 13 جنية حتى إن البعض صرح بأن هناك انخفاض ما بين 30 و35 ألف جنية للسيارات التى يتراوح سعرها بين 100 و350 ألف جنية وتناسوا مؤثرات أخرى تتعلق بسعر الدولار الجمركى الذى تحرك إلى أعلى بالتبعية. أمر اخر هو افتراضهم لثبات سعر الدولار الحر وهو ما لم يحدث.. المصرى اليوم من جهتها رأت أن حسم مثل هذا الجدل الدائر ومدى صحة ما صرح به من الأفضل أن نضعه أمام الخبراء والعاملين داخل السوق ليدلى كل منهم برأيه وفقا لما يراه تبعا للمعطيات الفعلية والمتوقع خلال الفترة القادمة..
أسئلة
نائب مدير عام الشركة المصرية العالمية للسيارات EIM وكيل رينو رامى جاد أوضح انه للإجابة على السؤال يجب أولا الإجابة على التالى.. ما هو معامل ومعادل سعر الصرف؟ هل سيتم تثبيت معامل أو معادل للعملة أم سيتم التغيير يوميا؟ الدولار الجمركى بالنسبة للسيارات والمكونات وقطع الغيار هل سيتم تثبيته أم سيكون ربطه يوميا؟ .. كل تلك الأسئلة السابقة هى عوامل ستؤثر بالسلب على أسعار أى منتج سواء محلى أو مستورد وبالتبعية ستزيد الأسعار طبقا للمعادلات والمعاملات الخاصة بتغير العملة وميكانيكية وآليات تطبيق توابع قرارات التعويم.. إذن فإنه لو لم يتم اتخاذ إجراءات مدروسة سينخفض حجم السوق أكثر وسترتفع الأسعار.. وأخيرا هل ستتمكن البنوك من توفير العملة اللازمة لكل مستورد وبالقدر الذى يكفيه لإتمام عملياته الاستيرادية؟ دعنا ننتظر ونرى ما سيستجد من قرارات وآليات..
افتراضات
مدير عام الشركة المصرية العالمية للتجارة وكيل كيا أحمد الخادم كان أكثر واقعية فى الرد على السؤال حيث افترض ثلاثة فرضيات وهى أنه فى حالة هبوط سعر الدولار الحر مثلا عند 13 جنية وارتفاع سعر الدولار الجمركى وفقا لعملية التحرير ليسجل نفس السعر فمن المفترض أن تنخفض أسعار السيارات بنسبة بسيطة، أما فى حالة ارتفاع السعر فى السوق الحر إلى 16 جنية مثلا وكذلك سعر الدولار الجمركى فإن ذلك سيؤدى إلى ارتفاع سعر السيارات، أما الافتراضية الأخيرة فهى انخفاض بسيط فى سعر الدولار الحر وارتفاع سعر الدولار الجمركى وفقا لآلية التحرير فذلك سيؤدى إلى بقاء أسعار السيارات فى السوق كما هى قبل عملية تحرير سعر الصرف.. الخادم شدد على أنه كان يتمنى أن يتم تثبيت سعر صرف الدولار الجمركى لبعض الوقت أو من الحين إلى الاخر حتى لا يكون هناك تذبذب يومى فى سعر صرف الدولار الجمركى وبالتالى صعوبة حساب تكلفة السيارة الواردة ويتم تغيير السعر كل يوم هذا على الرغم من أن الرسوم الجمركية تمثل نسبة من تكلفة سعر السيارة.. وهذا الأمر سيختلف بالطبع على أسعار السيارات التى يدخل تقييم رسومها الجمركية وفقا للاتفاقات الموقعة بين مصر والدول الأخرى فمثلا السيارات الاوروبية الأقل من 1200 سى سى نسبة الجمارك عليها صفر مثلها مثل السيارات التى تورد من دولة مثل المغرب والتى لا يقدر عليها أية رسوم جمركية فهذه السيارات من المفترض أن يقل سعرها عن بقية السيارات الواردة من دول أخرى مثل اليابان وكوريا مثلا.. وعموما علينا الانتظار لفترة حتى يستقر السوق تماما وبالتالى نستطيع تحديد أسعار السيارات بدقة..
ارتفاع الاسعار
مدير عام التسويق بشركة إم إم جروب إسلام توفيق أوضح أن هناك زيادة حتمية فى أسعار السيارات وبنسبة ليست قليلة وذلك بسبب حساب سعر الدولار الجمركى والذى ارتفع عما قبل قرار تحرير سعر الصرف وبالتالى ارتفاع نسبة الرسوم الجمركية ولكن ما سيحدث بعد ذلك سيتحدد وفقا لآليات سعر الصرف فى السوق سواء بالزيادة أو النقصان إلى جانب أن سعر الدولار نفسه سيتغير يوميا وفقا لتوفره بالقدر الكافى من عدمه إلى جانب وجود نوع من المضاربة وهو ما سيؤدى إلى وجود ارتفاع فى السعر.. ولكن المحصلة النهائية هو أن أسعار السيارات سترتفع..
تسعير عشوائى
من جانبه قال مدير عام بريليانس المهندس خالد سعد أن تحرير سعر الصرف سينعكس على القرارات التى ستتخذ من جانب الوكلاء على تحديد سعر السيارات متمثلة فى التسعير العشوائى سواء للمنتجين المحلين أو المستوردين وذلك لعدم وجود سعر ثابت للعملة فى السوق وإن الحكم الصحيح على مردود ذلك على أسعار السيارات لن يكون قبل شهر أو اثنين حيث إن الرؤية ليست واضحة فى الوقت الحالى.. ولذلك يرى أن فرصة السيارات المجمعة محليا أفضل وسيكون لها اليد العليا نظرا لأن نسبة الرسوم الجمركية من إجمالى سعر السيارة تتراوح ما بين 6 و8 % وهى نسبة قليلة لا يكون تأثيرها كبيرا على إجمالى تكلفة سعر السيارة فى النهاية على عكس السيارات المستوردة والتى تتعرض لمعوقات متعددة ولعل آخرها بعد القرارات التى اتخذت هى سعر صرف الدولار الجمركى والذى سيبقى متحركا.. مضيفا أنه ليس هناك فى أى من دول العالم المختلفة أن يترك سعر الصرف الدولار الجمركى متحركا دون ثبات وبالتالى فأسعار السيارات ستتغير يوميا لأن حساب التكلفة يتغير لكل شحنة يتم استيرادها وفقا لسعر الدولار الجمركى المتغير كل يوم.. وعموما هذه الفترة لن يكون حكمنا دقيقا تماما على سوق السيارات فى مصر وعلينا الانتظار حتى تظهر وتوضح الرؤية تماما.. فى حين أوضح رئيس مجلس إدارة شركة المصرية للسيارات المهندس محمد ريان أن القرار الذى اتخذ من جانب الحكومة المصرية هو قرار جيد ولكن ستظهر إيجابيته على المدى البعيد .. أما الأن فأسعار السيارات سترتفع ارتفاعا كبيرا بالتأكيد حيث أن هنالك زيادة فى سعر الدولار الجمركى فى حدود 60 % عما قبل اتخاذ القرار هذا بالإضافة إلى ان سعر الدولار فى السوق فى حدود 16 جنية ولذلك فالزيادة ستحدث فى سعر السيارات تتراوح ما بين 15 و25%.. أما رئيس مجلس إدارة شركة عربيات وكيل سانج يونج أحمد أبو خف فقد لخص ما سيحدث بعد تحرير سعر صرف الجنية المصرى فى كلمات قليلة وهى أن هناك زيادة حتمية على أسعار السيارات سواء المجمعة محليا أو المستوردة بسبب الدولار الجمركى وكذلك سعر صرف الدولار فى البنوك والذى ارتفع إلى حدود 16.50 جنية بعد أن كان انخفض لسويعات عقب صدور القرار.