كشفت الدفعة الجديدة من الرسائل الإلكترونية التي نشرها موقع «ويكيليكس»،بعد قرصنتها من بريد جون بوديستا، رئيس مكتب المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون، أن مصر كانت محوراً رئيسياً من محاور مراسلات وزيرة الخارجية السابقة، إذ تناولت المراسلات العديد من القضايا التي تتعلق بمصر في الداخل أو بعلاقتها مع دول محيطها الإقليمي.
وأوضحت مراسلة أخرى بتاريخ 7 إبريل 2011، أن الخارجية الأمريكية ترى أن مصر قد يكون لها دور مؤثر في ليبيا بعد العقيد الليبي معمر القذافي، وجاء بنص المراسلة: «سواء اظل معمر القذافي في الحكم أو لم يستمر، فإن الانسام السياسي الذي سيحدث في ليبيا سيمنح مصر فرصة سد الفجوة في الشرق، إذ أوضح مسؤول دبلوماسي كبير، أنه خلال الأيام الأولى للأزمة الليبية، بادرت الحكومة المصرية بدعم القوات المعارضة»خفية«في ليبيا من خلال تقديم السلاح والتدريب، والإمدادات الطبية والغذائية»، وأضافت الوثيقة أن مصر حاولت تشكيل بنية سياسية في الشرق، هذا بالإضافة إلى أن بعض القوات المصرية الخاصة كانت تخدم مع الثوار في الأجزاء الشمالية من ليبيا«، ونقلت الوثيقة عن مسؤول عسكري كبير أن النجاحات التي حققها الثوار في ليبيا كانت بفضل وجود القوات المصرية الخاصة إلى جانبهم.
وكشفت مراسلة بتاريخ 19 أغسطس 2014، مرسلة من جون بوديستا لهيلاري كلينتون، يحذر فيها من تسلسل مقاتلي داعش من سوريا إلى مصر، إذ يقول «بوديستا» في المراسلة: «رغم كل العناصر المأسوية التي تنطوي عليها الحرب، فإن تقدم داعش في العراق يعطي الإدارة الأمريكية فرصة لتغيير الطريقة التي يتم بها التعامل مع الوضع الأمني الفوضوي في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وأحد أهم العوامل في هذا الصدد هو استغلال الموارد الاستخباراتية، وقوات العمليات الخاصة على نحو قوي إن لم يكنف عدواني، مع تجنب اللحوء لحلول المدرسة القديمة التي تطالب بالمزيد من العمليات العسكرية التقليدية، ومن المهم لنا في العراق أن نتواصل مع عناصر البيشمركة من إقليم كردستان العراق، ولمقاتلي البيشمركة علاقات طويلة ووثيقة مع أجهزة الاستخبارات المركزية الأمريكية»سي أي أيه«، ولكن لابد أن يكونوا أكثر التزاماً إزاء الولايات المتحدة، وبمساعدة الولايات المتحدة لهم سيمكن إلحاق هزيمة ساحقة بتنظيم داعش».
وأضافت المراسلة أنه «يتعين على الولايات المتحدة في الوقت نفسه أن تستغل استخباراتها الدبلوماسية من أجل الضغط على حكومتا قطر والسعودية، الذين يقدمون الدعم المالي واللوجيستي لتنظيم داعش، وغيرهم من الجماعات السنية المتشددة في المنطقة، وهذه الجهود سيعززها التقرب من إقليم كردستان». وأضافت المراسلة أن: «ثمة حالة من التوازن ستضغى على التنافس القائم بينهما للهيمنة على العالم السني...وعلى النحو ذاته يمكن فإن التلويح بسيف عمليات أمريكية مماثلة سيعين على تشكيل قوات معتدلة في ليبيا ولبنان، والأردن، حيث من الممكن في تلك الدول أن ينبهر المقاتلين بنجاح داعش في العراق».
وأوضحت المراسلة أن تطور الأوضاع في العراق تعد أخطر نموذجاً على إعادة الهيكلة الإقليمية في شمال إفريقيا، وبطول المنطقة الممتدة إلى الحدود التركيةـ، وهذه التطورات مهمة للولايات المتحدة لأسباب تختلف من دولة لأخرى، ففي العراق يهم الولايات المتحدة قضيتي النفط والالتزام الأخلاقي، وفي ليبيا يهمها النفط، وفي الأردن تتعلق الأهمية بالتزامات استراتيجية، هذا بالإضافة إلى اتجاه تركيا نحو تشكيل واقع إسلامي جديد، ومن ثم سيكون من الأهمية بالنسبة لها أن تدرك أننا على استعداد لاتخاذ خطوات جادة قد تكون مستدامة من أجل حماية مصالحنا القومية، وهذا التوجه في السياسة الخارجية أفضل وأقل تكلفة بكثير من العمليات العسكرية التقليدية.
وأضافت المراسلة على لسان «بوديستا»: «لو أننا لم نقم بالتغييرات اللازمة لجعل سياستنا الأمنية أكثر واقعية وتحقق في المنطقة، فسيكون ثمة خطر حقيقي من تسلل جنود داعش إلى مناطق أخرى، لتسهيل العمليات التي يقوم بها تنظيمات إسلامية، وهو ما يحدث بالفعل في ليبيا ومصر، حيث يعود المقاتلين من سوريا للانضمام لتنظيمات محلية في البلدان المجاورة، ورغم أن داعش هو التنظيم الأحدث، فإنه الأكثر خطورة، ولو لم نهزمه في العراق فستكون التداعيات خطيرة.