أكد فضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، أهمية تعاون القيادات الدينية في حل الأزمات العديدة التي تتعرض لها الإنسانية خلال الفترة الحالية، مشيرا إلى أن فهم الدين على النحو الصحيح يحتاج إلى متخصصين يفهمون النص ويدركون الواقع المعيش ويعرفون كيفية الوصل بينهما.
جاء ذلك خلال لقاء مفتى الجمهورية مع قداسة البابا فرانسيس في مقر الكرسي البابوي بالفاتيكان خلال زيارته الرسمية التي قام بها للفاتيكان، وشارك خلالها في عدة فاعليات مهمة استهدفت تصحيح صورة الإسلام التي تتعرض إلى تشويه متعمد في الفترة الأخيرة.. ومثلت هذه الزيارة مهمة قومية تأتي في إطار الاستخدام الأمثل للقوة الناعمة لمصر.
وأوضحت دار الإفتاء- في بيان، السبت، حول زيارة مفتى الجمهورية للفاتيكان- أن الدكتور شوقي علام أعلن خلال اللقاء أن مصر قيادة وشعبا تثمن ما يقوم به البابا فرانسيس من جهود كبيرة لنشر السلام والمحبة حول العالم، مؤكدا أهمية تعاون القيادات الدينية في حل الأزمات العديدة التي تتعرض لها الإنسانية في الفترة الحالية، معربا عن تطلعه لرؤية البابا فرانسيس في القاهرة تلبية لدعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي له لزيارة مصر.
ومن جانبه، أكد البابا فرانسيس لمفتي الجمهورية اعتزازه بمصر قيادة وشعبا باعتبارها من أهم دول المنطقة، مشددا على أهمية تعزيز التعاون الديني بين الفاتيكان والمؤسسات الدينية في مصر.
وقال مفتي الجمهورية، خلال لقاء آخر مع القس أنتونيو كاملاري نائب وزير الخارجية في الفاتيكان، «إن فهم الدين على النحو الصحيح يحتاج إلى متخصصين يفهمون النص الشريف ويدركون الواقع المعيش ويعرفون كيفية الوصل بينهما.. وإننا في مصر نعالج قضايا التطرف الديني من منطلق رسالتنا الأساسية أن الهدف الأسمى لكل الأديان هو تحقيق السلم العالمي».
وشدد أن الإسلام أقام حضارة إنسانية أخلاقية وسعت كل الملل والفلسفات والحضارات وشاركت في بنائها كل الأمم والثقافات، لافتا إلى أننا كمسلمين استوعبتا تعددية الحضارات، مضيفا «أننا فخورون بحضارتنا، لكننا لا نتنكر للحضارات الأخرى، فكل من يعمل على التنمية البناءة في العالم شريك لنا.. والانتصار في حربنا الفكرية ضد التشدد هو انتصار للقيم الإنسانية بشكل عام وتحقيق للاستقرار العالمي».
وفي محاضرة ألقاها مفتى الجمهورية أمام ممثلي الأديان في الجامعة البابوية بالفاتيكان، أكد الدكتور شوقي علام ضرورة التركيز على القواسم المشتركة بين الأديان، وأهمية إدراك أتباع الأديان المختلفة هذه القواسم المشتركة إدراكا واعيا، والتمسك بها وأن التمسك بالقيم الدينية، وفي مقدمتها الرحمة والسلام والمحبة، سينزع فتيل أي نزاعات تنشأ بين البشر بسبب الدين.
وقال مفتي الجمهورية «إن المسؤولية المشتركة تحتم علينا جميعا أن نعمل سويا لاجتثاث جذور التطرف والإرهاب باسم الدين، مشيرا إلى أن الإسلام يحظر الاعتداء على أي نفس بشرية بغض النظر عن دينها أو معتقدها أو عرقها».
وأضاف أن «العالم أحوج ما يكون إلى منتديات تعين على حوارٍ حقيقي نابع من الاعتراف بالهويات والخصوصيات.. الحوار الذي يظل محترما ولا يسعى لتأجيج نيران العداوة والبغضاء أو فرض الهيمنة على الآخر.. الحوار القائم على أساس التعددية الدينية والتنوع الثقافي.. الحوار الذي أبدا لا ينقلب إلى حديث أحادي».
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن الإسلام نسق عالمي مفتوح لم يسع أبدا إلى إقامة الحواجز بين المسلمين وغيرهم، وإنما دعا المسلمين إلى ضرورة بناء الجسور مع الآخر بقلوب وعقول مفتوحة، مشددا على أن الفتوي الصحيحة تهدف إلى بيان صحيح الدين وتصدر بضوابط ومعايير وشروط محددة، وهم من نطلق عليهم أهل التخصص، موضحا أن المتطرفين موجودون في كل الأديان، وليسوا محصورين في الإسلام فقط، ويجب الاستجابة العاجلة والعمل الجماعي للتصدي لجرائم الإرهاب ومنع وقوعها ضد المدنيين الأبرياء باسم الدين أو العرق أو أي ذريعة أخرى.
وفى لقاء مماثل لمفتى الجمهورية مع سفير الاتحاد الأوروبي لدي الفاتيكان جان تومبينيسكي، أكد مفتي الجمهورية حرص دار الإفتاء على نشر صحيح الدين وبذل جهود كبيرة لتقديم إرشاد ديني صحيح يؤهل المسلم في العالم أجمع لأن يتعايش مع غيره.
وقال الدكتور شوقي علام «إننا نسعي من جانبنا في دار الإفتاء على التواصل مع الجاليات المسلمة في أوروبا ودعمهم من الناحية الشرعية سواء في جانب التدريب أو الإصدارات أو في الفضاء الإلكتروني.. ونحن على أتم الاستعداد لمناقشة أي تعاون مثمر يصب في مصلحة جميع الأطراف».
وأكد أن دار الإفتاء المصرية ترفض كل أشكال العنف والإرهاب باسم الدين، مشددا على أن ما يحدث من قبل التنظيم الإرهابي الذي يطلق على نفسه مسمى «الدولة الإسلامية» لا يقره شرع أو دين.. وعرض مفتي الجمهورية ما تقوم به دار الإفتاء من جهود كبيرة لتفكيك الأفكار المتطرفة والرد عليها بشكل علمي لتحصين الشباب من الوقوع في براثن هذا الفكر المنحرف.