x

محمد أمين علشانك يا وطن! محمد أمين الجمعة 04-11-2016 21:17


هناك أجيال تعيش قدَرها، وتتحمل المخاطر، من أجل أن يبقى الوطن.. من هؤلاء جيل أكتوبر 73، الذى تحمل الجوع وضحى وحارب وانتصر، كى تغنى الأجيال اللاحقة وتهتف باسم مصر.. ومن هؤلاء أيضاً الجيل الحالى، الذى يدفع الفاتورة فى حب مصر.. سبقته أجيال تأكل وتنام فقط، وربما باعت عفش البيت.. وجاء اليوم الذى نتحمل فيه «آلام الجراحة العاجلة».. ولاشك أن القرارات وقعت علينا كالصاعقة، ولكننا سنتحملها علشانك يا وطن!

زمان، مرّ الوطن بحالات توعُّك خفيفة، ولم يذهب إلى الطبيب إطلاقاً.. وللأسف كانت ظروفه أحسن.. وكانت إمكانياته أفضل.. وكان العلاج أسهل.. المأساة أنه لم يأخذ العلاج.. استسهل مرة فأخذ «حبة ريفو».. واستسهل مرة أخرى وربطوا راسه بعصابة ومفتاح كبير، ثم أعطوه كوباية شاى.. وهنا تراكمت عليه الأمراض.. سكر وضغط وكلى وكبد.. ثم أصبحت عملية قلب مفتوح.. ولم يكن هناك بد من دخول غرفة الإنعاش لإجراء جراحة عاجلة!

لا مفر من أن نتحمل الآلام علشانك يا وطن.. سنقبل العلاج المُر وندفع الفاتورة.. سندفع ديون الآباء عن طيب نفس وطيب خاطر.. سنحمى الوطن من التعرض للخطر.. سنتنازل عن وجبة فى اليوم، وعن كوباية شاى.. سنتنازل عن حجر شيشة.. سنصبر حتى يعجز الصبر عن صبرنا.. وسنصبر حتى ينظر الله فى أمرنا.. لن نترك الوطن تحت الجراحة ونهرب.. لن نطلب الهجرة أبداً.. فمَن يحب وطنه لا يتركه وقت الصعاب، اتبهدلنا فى حب مصر!

فلم يكن هناك خلاف على ضرورة العلاج.. ولم تكن هناك مشكلة بشأن الخضوع للجراحة.. فقط كانت المشكلة فى التوقيت.. هل كان توقيت العملية مناسباً لنا؟.. فى الصباح كان تحرير الجنيه وسعر الصرف.. وفى المساء كانت الصدمة أكبر.. رفع أسعار جميع السلع والوقود والبوتاجاز والغاز.. علقة واحدة.. صدمة لم نتهيأ لها.. زمان كانت الفرصة أفضل.. كان عندنا قناة السويس وعائدات التحويلات، والصادرات والاستثمار.. الآن لا شىء «يسندنا»!

تخيلوا أن هذه القرارات تأتى كالصاعقة على رؤوس العباد والبلاد، فى وقت ليست فيه زيادة مرتبات، وليس فيه استثمار بالمعنى المعروف، وليست فيه شبكة حماية اجتماعية للفقراء، والبطالة بين الشباب تفوق التصورات.. تخيلوا كل هذا، ثم يكون لا مفر من «العملية الجراحية».. لا بديل عن دخول غرفة الجراحة، وندفع الثمن ونتجرع الدواء المُر.. إما أن نفعل هذا أو يتعرض الوطن نفسه للخطر.. وسنفعل ذلك ولن نتردد علشانك يا وطن!

أعترف أنها ليست شجاعة الرئيس ولا رئيس الوزراء وحدهما، ولا حتى شجاعة طارق عامر.. لكنها شجاعة شعب يتحمل، وشجاعة جيل قرر أن يدفع فواتير أجيال الآباء والأجداد.. هذه فاتورة لا ذنب لنا فيها.. لا ذنب للرئيس فيها.. هو أيضاً اتخذ قرار المواجهة بشجاعة.. اتخذ خطوة صعبة جداً لم يجرؤ غيره عليها.. وبعدها سوف يتعافى الوطن.. وسوف يعود شيئاً فشيئاً، ونهتف باسم مصر، كما انتصرت فى الحرب سوف تنتصر فى الاقتصاد!

الرهان الآن على وعى الشعب.. والرهان الآن على قدرة المواطن على التعامل مع جراحة يعرف أضرار عدم إجرائها.. صحيح أنه سوف يتألم جداً.. وصحيح أنه سوف يعيش ظروفاً قاسية.. لكنها فى كل الأحوال ضريبة لابد أن يدفعها.. كما أنها فى كل الأحوال أقل من ظروف الحرب التى خاضها جيل 73.. جيلنا سيدفع الفاتورة من أجل الوطن!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية