اهتمت وسائل الإعلام العالمى بقرار تعويم الجنيه، ووصفت وكالة «بلومبرج» الأمريكية القرار بـ«الضخم»، وذلك بعد أقل من أسبوع من تصريحات مديرة صندوق النقد الدولى، كريستين لاجارد، لـ«بلومبرج»، والتى انتقدت فيها أزمة سعر الصرف المصرى، وحثت الحكومة على التحرك بسرعة.
وقالت «بلومبرج»، أمس، إن الخطوة «غير المسبوقة» جاءت للدفع باستقرار الاقتصاد المصرى المتخبط بسبب أزمة نقص احتياطى النقد الأجنبى.
وأضافت أن مصر بهذه الإجراءات اقتربت من تأمين قرض صندوق النقد، الذى تبلغ قيمته 12 مليار دولار.
وأفادت الوكالة بتجاوب البورصة المصرية مع قرارات البنك المركزى، بعد أن قفزت التعاملات على الأسهم إلى أعلى مستوى لها فى 8 سنوات.
وقال رئيس وحدة الاستثمار فى مؤسسة «شرودرز» فى دبى، رامى سيدانى، للوكالة: «كنا نتوقع هذه الخطوة منذ فترة طويلة، وإنه أمر إيجابى جدا»، مضيفا: «نتوقع زيادة الاهتمام بمصر، حيث إنها تملك اقتصادا هائلا متعطلا منذ سنوات».
فيما قال طارق قاقيش، المسؤول فى شركة «كابيتال» لإدارة الأصول المالية، ومقرها دبى، للوكالة: «عندما تُعَوَّم العملة تضيق الفجوة بين معدلات السوق الرسمية والسوق السوداء بسرعة كبيرة، ما لم تتدخل الحكومة، التى لا ينبغى عليها التدخل».
وأكد أنه «قبل أن نزيد عرض الأصول المصرية، نريد أن نرى أن العملية برمتها تتم بسلاسة، مثل عملية دخول وخروج المال من البلاد».
وأشارت الوكالة إلى أن مصر تصارع لإنعاش اقتصادها منذ ثورة 25 يناير، موضحة أنه على الرغم من استقرار احتياطيات العملات الأجنبية هذا العام، فإنها لا تزال دون مستويات ما كانت عليه فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك بمقدار 40%.
وبدورها، استحوذت المشاكل الاقتصادية فى مصر على انتباه العواصم العالمية، حيث قال مسؤول فى وزارة الخزانة الأمريكية، الشهر الماضى، للوكالة- بشرط عدم الكشف عن هويته: «إن هناك قلقا مشتركا من أن الحفاظ على الاستقرار فى مصر هو المهم». وتابعت الوكالة أن مسؤولى الحكومة الألمانية يخشون من أن أى انهيار اقتصادى يمكن أن يؤدى إلى موجة جديدة من اللاجئين. وكشفت الوكالة أن إدارة تداعيات التعويم على المواطن المصرى ستمثل اختبارا رئيسيا للرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى يسعى أيضا لإحياء صناعة السياحة، التى تضررت من هجمات إرهابية فى سيناء، ومعدل تضخم بلغ أعلى مستوى منذ 7 سنوات على الأقل.
وأوضح الاقتصادى فى «كابيتال إيكونوميكس»، جيسون توفاى، لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أمس، أنه «بالنسبة للمستثمرين، هذا دليل على أن الحكومة مستعدة لإجراء إصلاحات واتخاذ نهج رشيد فى الاقتصاد»، واصفا الخطوة بأنها «تطور إيجابى للغاية».
وقال المحلل الاقتصادى، أندرو والكر، لشبكة «بى. بى. سى» البريطانية، أمس: «إن انخفاض قيمة العملة بشكل حاد سيعمل على تحسين القدرة التنافسية، بالإضافة إلى أنه سيساعد بمرور الوقت على إسقاط العجز التجارى».
وأكد ضرورة وقف نزيف احتياطى العملة، وقال إنه على المدى القصير، من المرجح أن يزداد معدل التضخم بسبب زيادة تكلفة الواردات، وأوضح أنه «مادام التأثير لمرة واحدة، ولن يؤدى إلى دوامة من التضخم، فهذه الإجراءات يمكن اعتبارها الثمن الذى يجب أن يُدفع».
وبدوره، قال إبراهيم الغيطانى، أحد كبار الباحثين فى المركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية، لصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، أمس: «نجاح قرار اليوم، سواء كان ذلك سيؤثر على الاقتصاد بشكل إيجابى أم لا، مرتبط أيضا باستقرار السوق فى مصر»، مشددا على ضرورة «ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبى، وازدهار السياحة مرة أخرى، ليكون هذا القرار أكثر فاعلية، كما يجب إعادة الثقة فى الاقتصاد المصرى». وأشارت «واشنطن بوست» إلى أنه من المتوقع أن تشهد أسعار السلع ارتفاعا، على الرغم من أن سعر الدولار فى السوق الموازية كان له أثر واضح بالفعل على زيادة أسعار العديد من السلع.
وأضافت الصحيفة أن طلبات صندوق النقد الدولى اشتملت أيضا- بجانب حل أزمة سعر الصرف- على خفض الدعم وإجراءات تقشف أوسع، الأمر الذى يضع الفقراء- الذين يمثلون ربع سكان مصر- تحت ضغط أكبر.