سلسلة حوارات أجراها الدكتور حازم الببلاوي، رئيس وزراء مصر خلال الفترة التي واكبت فض اعتصامي أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي، وتحدث فيها عن محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية.
يأتي نشر شهادة «الببلاوي» بعدما نشر محمد البرادعي، شهادته على أحداث ثورة 30 يونيو، وعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، وكذلك فض اعتصامي رابعة والنهضة واستقالته، وخرج أحد قيادات حركة «تمرد»، وقال إن البرادعي كان على علم بالفض وأيده وبعدها استقال.
شهادة «الببلاوي»، تبرأ البرادعي من تأييده لفض اعتصامي رابعة والنهضة، وقال رئيس وزراء مصر الأسبق خلال حوار أجراه مع برنامج «العاشرة مساًء» في ديسمبر 2013، إن البرادعي أبدى رفضه في اجتماع مجلس الدفاع الوطني لفض الاعتصامين، رافضا اتهامه بالتخوين، قائلًا: «أدعو المصريين لعدم التخوين لأن الكل يخطئ ويصيب، والبرادعي معروف بموافقه».
وأكد «الببلاوي» خلال الحوار: «لا أرفض إدانة واحد مُحترم (البرادعي)، وهو رجل مُحترم ولديه أفكار ومبادئ وفي جوهرها مبادئ إنسانية، ويختلف تقييم المبادئ خلال العمل السياسي»، لافتا إلى أن استقالة البرادعي لم يساهم في عمليات الابتزاز للدولة، لكن البعض استغلوا هذا الموقف للإساءة للحكومة.
وأشار «الببلاوي» إلى أنه خلال اجتماع مجلس الدفاع الوطني، البرادعي اعترض على فض رابعة والنهضة، وبعدها بيوم قدم استقالته.
فيما قال «الببلاوي» في حوار مع قناة «إم بي سي» مع برنامج «جملة مفيدة» في أغسطس 2013، إن «البرادعي لم يُغير أرائه في أي لحظة من اللحظات، ومن خلال تجربته الكبيرة يُعطي أهمية كبرى لدور مصر في الخارج، والرجل حاصل على جائزة نوبل في السلام، وأراد إعطاء فرصة أكبر من المشاورات، وكان في ذهنه سيناريو الجزائر، وأقدر موقفه وأفهمه من منطقه ومتسق مع كل ما يؤمن به، وموقفه لا ينبغي أن يوجه له إساءة وتشويه».
وأضاف «الببلاوي» أن «البرادعي كان يجب أن يكون موقفه متسقا مع مبادئه (رفض فض اعتصام رابعة والنهضة بالقوة)».
وأصدر الدكتور محمد البرادعي، بيانًا الثلاثاء، قال إنه يوضح من خلاله حقيقة موقفه في 30 يونيو و3 يوليو 2013، وجاء البيان في 13 نقطة، وفقًا لما نشره في حسابه على موقع «فيس بوك»، قائلًا إنه «في ضوء الأكاذيب والانحطاط الأخلاقى الذي تمارسه بعض وسائل إلاعلام عن الفترة التي قبلت فيها المشاركة في العمل العام بصفة رسمية ( ١٤ يوليو- ١٤ اغسطس ٢٠١٣ ) فقد يكون هذا التوضيح الموجز- في الوقت الحالي- مفيدا لسرد بعض الحقائق ووضعها في سياقها السليم، بعيدا عن الإفك والتزوير»، حسب تعبيره.
وسرد البرادعي بيانه على النحو التالي: «١- عندما دعت القوات المسلحة ممثلي كافة القوى السياسية إلى اجتماع بعد ظهر ٣ يوليو ٢٠١٣ كان المفهوم أنه اجتماع لبحث الوضع المتفجر على الأرض نتيجة مطالب الجموع الغفيرة المحتشدة في كل أنحاء مصر منذ ٣٠ يونيو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، نظرا للاستقطاب الحاد في البلاد الذي أصبح يهدد الوحدة الوطنية.
٢- عندما فوجئت في بداية الاجتماع أن رئيس الجمهورية كان قد تم احتجازه بالفعل صباح ذلك اليوم من قبل القوات المسلحة- دون أي علم مسبق للقوى الوطنية – وهو الأمر الذي أدى إلى عدم مشاركة رئيس حزب الحرية والعدالة- الذي كانت قد تمت دعوته- في الاجتماع، أصبحت الخيارات المتاحة محدودة تماماً وبالطبع لم يعد من بينها إمكانية إجراء استفتاء على انتخابات مبكرة.
٣- في ضوء هذا الأمر الواقع- رئيس محتجز وملايين محتشدة في الميادين- أصبحت الأولوية بالنسبة لى هي العمل على تجنب الاقتتال والحفاظ على السلمية والتماسك المجتمعي من خلال خارطة طريق- تمت صياغتها في عجالة- بنيت على افتراضات مختلفة بالكامل عن تطورات الأحداث بعد ذلك: رئيس وزراء وحكومة تتمتع «بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الانتقالية»، انتخابات برلمانية ثم رئاسية مبكرة وكذلك- وهو الأهم- لجنة للمصالحة الوطنية. وقد قبلت في ضوء ماتقدم أن أشارك في المرحلة الانتقالية على هذا الأساس كممثل للقوى المدنية بهدف المساعدة للخروج بالبلاد من منعطف خطير بأسلوب سلمى بقدر الإمكان.
٤- وبالتوازى مع خارطة الطريق فقد ساهمت وغيرى، بما في ذلك ممثلين لقوى عربية وأجنبية، في مساعى للوساطة مع مؤيدى الرئيس السابق، بمعرفة وتوافق الجميع بما في ذلك ممثلى المجلس العسكري، للتوصل إلى أُطر وتفاهمات لتجنب العنف الذي كان بدأ يتصاعد في اشتباكات بين مؤيدى الرئيس السابق وقوات الأمن والذى أدى إلى وقوع الكثير من الضحايا. وقد كان الهدف أثناء وجودى في المنظومة الرسمية هو التوصل إلى صيغة تضمن مشاركة «كافة أبناء الوطن وتياراته» في الحياة السياسية حسبما ماجاء في بيان ٣ يوليو.
٥- ولكن للأسف، وبالرغم من التوصل إلى تقدم ملموس نحو فض الاحتقان بأسلوب الحوار والذى استمر حتى يوم ١٣ أغسطس، فقد أخذت الأمور منحى آخر تماما بعد استخدام القوة لفض الاعتصامات وهو الأمر الذي كنت قد اعترضت عليه قطعيا في داخل مجلس الدفاع ألوطنى، ليس فقط لأسباب أخلاقية وإنما كذلك لوجود حلول سياسية شبه متفق عليها كان يمكن أن تنقذ البلاد من الانجراف في دائرة مفرغة من العنف والانقسام وما يترتب على ذلك من الانحراف بالثورة وخلق العقبات أمام تحقيقها لأهدافها.
٦- وقد أصبح واضحا لى الآن أن هذا الطريق كان يخالف قناعات الكثيرين، وهو مايفسر الهجوم الشرس علىّ من «الإعلام» وكذلك التهديدات المباشرة التي وصلتنى خلال الفترة القصيرة التي قبلت فيها المشاركة الرسمية في العمل العام، وذلك بسبب محاولاتى التوصل إلى حل سلمى للأزمة السياسية. وبالطبع في ضوء ماتقدم من عنف وخداع وانحراف عن مسار الثورة فقد كان من المستحيل على الاستمرار في المشاركة في عمل عام يخالف كل قناعتى ومبادئي، خاصة قدسىية الحياة وإعلاء قيمة الحرية والكرامة الإنسانية، حتى وإن كان ذلك عكس التيار العام والهيستيريا السائدة في ذلك الوقت.
٧- بعد أن قمت بتقديم استقالتى للأسباب التي وردت بها وبدلا من احترام حقى في الاختلاف في أمر غير قابل للتفاوض بالنسبة لى ولضميري، ازدادت حدة الهجوم الشرس علىّ من قبل آلة إعلامية تقوم على الإفك وتغييب العقول، وهو الهجوم الذي بدأ منذ أواخر عام ٢٠٠٩عندما طالبت بضرورة التغيير السياسي.
٨- وقد يكون أحد الأمثلة الصارخة في هذا الشأن تسجيل وإذاعة مكالماتى الخاصة بالمخالفة لكل الدساتير والقوانين والقيم الأخلاقية المتعارف عليها- باستثناء الأنظمة الفاشية- ومنها مكالمة مع وزير أمريكى بعد قيام الثورة مباشرة أطلب منه أن تقوم حكومته بتقديم مساعدات اقتصادية وتقنية لمصر، وأن يبذلوا مساعيهم كذلك مع دول الخليج آلتى أحجمت وقتها عن تقديم أي عون اقتصادى لمصر. وهذا الاتصال كان عقب اجتماع لى مع قيادات المجلس العسكريذُكر فيه الوضع الاقتصادى الحرج للبلاد مما أدى إلى أن أبدى أنا وغيرى من الحاضرين ممن لهم علاقات خارجية الاستعداد للاتصال بكل من نعرفهم طلبا للمساعدة. وقد قام الإعلام بإذاعة مكالمتى على أنها تخابر مع المخابرات الأمريكية!! وبالطبع مازال من سجلها وأمر بإذاعتها – وهى بالضرورة أجهزة رسمية- بعيدا عن أي محاسبة، بالإضافة بالطبع إلى من أذاعها.
٩- أحد الأمثلة الصارخة الأخرى هو الاستمرار في تحريف وتشويه دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية فيما يتعلق بعملها في التفتيش على برنامج العراق النووي بمقتضى قرارات مجلس الأمن، وهو العمل الذي نال التقدير الجماعى من كافة الدول أعضاء الوكالة، بما فيها مصر، باستثناء الولايات المتحدة وبريطانيا. وقد تعذر على تلك الدولتين نتيجة تقارير الوكالة وكذلك تقارير لجنة الأمم المتحدة الخاصة بالتفتيش على الأسلحة الكيميائية والبيولوجية التي ذكرت بوضوح أننا لم نجد أي دليل على إحياء العراق لبرامج أسلحة الدمار الشامل، أدت هذه التقارير إلى تعذر حصول تلك الدولتين على قرار من مجلس الأمن بمشروعية الحرب على العراق، مما أدى إلى شنهما حربا غير شرعية مازلنا ندفع ثمنها حتى الآن. وقد أشاد الإعلام المصرى في هذا الوقت – مثله مثل باقى إعلام العالم- بدور الوكالة إلى أن أعلنت ضرورة التغيير السياسي في مصر والذى على إثره تم تغيير التوجه الإعلامى بالكامل (يمكن مراجعة موقف الإعلام المصرى المخزى قبل وبعد ٢٠٠٩)، كما هو الحال بالنسبة لأكاذيب أخرى لا تعد ولا تحصى بالنسبة لشخصى استمرت منذ نظام مبارك وحتى الآن دون انقطاع.
١٠- الأمر المحزن والمؤسف أن الكذب وتغييب العقول استمر من كافة الأطراف وحتى الآن فمن جانب هناك من يدعى أننى سافرت إلى الخارج قبل ٣٠ يونيو للترويج والتمهيد لعزل الرئيس السابق، وأننى سافرت لإسرائيل، وأنه كانت هناك خطة من جانب الاتحاد الأوروبي لعزل الرئيس السابق، وأننى كنت على اتصال بالمجلس العسكري في هذا الشأن بل إننى كنت على علم بقرار المجلس العسكري احتجاز الرئيس السابق، والذى – كما عرفت لاحقا- سبقته مفاوضات بين المجلس العسكري والرئيس السابق وجماعته، تلك المفاوضات آلتى لم يعنى أحد من الطرفين بأخطار ممثلى القوى المدنية بها لعل وعسى أنه كان قد يمكننا المساعدة في التوصل إلى حل مقبول للطرفين.
١١- ومن جانب آخر هناك من مازال يدعى أنه لم يكن هناك مسار واعد لفض الاعتصامات بأسلوب سلمي، وإننى وافقت في أي وقت على قرار استخدام القوة لفض رابعة، وإننى كنت السبب في عدم التدخل المبكر لفض الاعتصامات قبل أن يزداد الاحتقان، بل وصل الفجر بالادعاء زورا وجهلا بأننى لا أدين الاٍرهاب والتطرف.
١٢- هناك الكثير الذي يمكننى أن أضيفه من أمثله على منهج الخداع والكذب واختطاف الثورة التي كنت شاهدا عليها، والتى أدت بِنَا إلى مانحن فيه، والتى تمنعنى بالطبع مقتضيات الفترة الحرجة التي يمر بها الوطن من الخوض فيها.
١٣- غنى عن الذكر أن رأيى كان ومازال هو أن مستقبل مصر يبقى مرهونا بالتوصل إلى صيغة للعدالة الانتقالية والسلم المجتمعى وأسلوب حكم يقوم على الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والعلم والعقل. حفظ الله مصر وشعبها».
فيما رد مؤسسو حركة تمرد، في بيان على البرادعي، وجاء فيه إن إن «الدكتور محمد سعد الكتاتني، رئيس حزب الحرية والعدالة الأسبق، رفض الحضور لاجتماع 3 يوليو بعد اتصال اللواء محمد العصار به ودعوته لاجتماع لحل الأزمة، والبرادعى كان على علم باحتجاز محمد مرسي بعد بيان التحريض الذي ألقاه بيان الشرعية أو الدم الذي كانت كل دعواته للجماعة أن تتبنى نهج العنف والقتال مع الدولة والمصريين إذا سقط».
وذكر مؤسسو تمرد أن «محمد البرادعي حضر اجتماع 3 يوليو وهو على على تام بالتحفظ على مرسي بسبب هذا البيان وكان رأيه أنه لا يوجد حل سوى عزل محمد مرسي وتنفيذ خارطة الطريق التي اتفقت عليها القوى السياسية من قبل».
وتابعوا في البيان: «البرادعي رفض إجراء استفتاء على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة وكان معه في نفس وجهة النظر الحضور من ممثلي الشباب في حركة تمرد الزميل محمد عبدالعزيز والزميل محمود بدر وتمسكوا جميعا بالعزل الفوري لمرسي».
وأفاد البيان بأن «فكرة الاستفتاء طرحها الفريق أول عبدالفتاح السيسي (الرئيس السيسي) في محاولة منه لحقن الدماء لكن كل الآراء السياسية وقتها كانت تؤكد أنه يجب العزل الفوري لمرسي بعد أن كانت دعواته بمثابة دخول البلد في نفق من الفوضى، وكان البرادعي مصرا على العزل المباشر وليس استفتاء على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة».
وذكر البيان أن «صياغة خارطة الطريق لم تتم في عجالة كما ذكر البرادعي في بيانه بل كان هناك نقاشات طويلة على مدار أكثر من شهر بين كل القوى السياسية والشباب على صياغة خطوات خارطة الطريق، وكان على علم بها وكان ممثل في هذه النقاشات بل كان من ضمن الأماكن التي تتم فيها النقاشات فيلته الشخصية على طريق مصر إسكندرية الصحراوي».
وتابع: «وتم الاتفاق على كل تفاصيل خارطة الطريق بين القوى السياسية بوجود البرادعي قبل الثالث من يوليو وهي ما تم تنفيذه بالحرف تقريبا (رئيس المحكمة الدستورية- رئيس حكومة مدني- تعطيل الدستور) وكان من ضمن ما أتفق عليه في فيلته أن سقف مطالبنا هو العزل المباشر والفوري لمرسي وليس اقل من ذلك».
واستطرد المؤسسون في بيانهم: «البرادعي أكد لكاثرين آشتون، وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي أنه يعلم ان اعتصام رابعة به سلاح، وطلب منها ان تركب معه طائرة عسكرية ليريها بنفسه أماكن تواجد السلاح وكان قد حضر اجتماع مجلس الدفاع الوطني الذي اتخذ به قرار فض الاعتصام بعد أن فشلت كل الطرق السلمية معهم، وإعطاءهم مهلة وراء مهلة وكان يعلم بقرار الفض لاعتصام مسلح وبالتاكيد كان يعلم أن هناك تبادل لإطلاق النار سيحدث، ولم يفاجئ بذلك».
وأردفوا: «البرادعي حضر وهو نائبا لرئيس الجمهورية اجتماع في قاعة الاجتماعات الكبرى بقصر الاتحادية حضرناه جميعا وكانت ممثلة فيه كافة القوى السياسية لبحث ملف العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية قبل فض اعتصام رابعة، وقد حضرت هذا الاجتماع وحضرت كل القوى الوطنية ومن رفض الحضور كانوا الدكتور عمرو دراج ممثلا عن الاخوان والدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، ممثلا عن مصر القوية، أي أن فكرة المصالحة كانت مطروحة ولكنهم أصروا على التصعيد للنهاية».
واختتم البيان: «لو كان البرادعي لديه حقائق مثل ما يدعي مع أن جميع ما ذكره حقائق مزيفة لماذا لم يكتبها في نص استقالته وتذكرها فجأة 2016!!.. خاصة قبل دعوات 11-11، البرادعي يحاول التمسح في الإخوان المسلمين والجهلاء ممن يسيروا وراء الفتن».