x

رئيس جهاز «سلامة الغذاء»: لا مبيدات مسرطنة فى مصر والأمراض تأتى من سوء الاستخدام

الإثنين 15-08-2011 17:50 | كتب: ياسمين القاضي |
تصوير : حسام فضل

لم يعد الحديث عن مشكلة «سلامة الغذاء» بالنسبة له أمراً مجديا، فطوال 5 سنوات وهو يتحدث عن المشكلة بكل تفاصيلها، ولذلك طلب الدكتور حسين منصور، رئيس جهاز حماية الغذاء، فى بداية حواره مع «المصرى اليوم»، عدم الحديث عن الأزمة، قائلا: «أرجوكم كفانا حديثا عن المشكلة.. كلنا نعرفها.. تعالوا نتكلم عن الحل وكيفية تنفيذه».. وإلى نص الحوار:

لماذا تعطل إنشاء جهاز حماية الغذاء حتى هذه اللحظة؟

- وزير الصحة الأسبق فى نظام مبارك كان يقول إن لدينا قوانين لحماية وسلامة الغذاء «زى الفل» لكنها لا تطبق، وتم الرد عليه فى صفحات بالتضارب والمشاكل التى تواجهها قوانيننا، وقال أيضا إن هذا تخصص «دستورى» لوزارة الصحة، فى حين أن الدستور لا توجد به كلمة واحدة عن تخصصات الوزارات، لكن للأسف المسؤولون لدينا يقولون كلاما لا يفهمونه.

اعتدنا قيام كل مسؤول بإلقاء المسؤولية على الآخر وقت الكوارث.. فكيف يتعطل إنشاء جهاز مهم مثل سلامة الغذاء وتتنصل كل جهة من مسؤوليتها عنه؟

- لا أرى تناقضا فى ذلك، فالتنصل يكون موجوداً عندما تحدث «مصيبة»، فنلقى بها على أعناق البعض، لكن عندما نتحدث عن إزالة اختصاص من جهة ما، يرفض المسؤولون فى مصر، وهذه هى الشيزوفرينيا المصرية، فعندما نقول لجهة ما: «إذا لم تقومى بهذه المهمة تنازلى عن مسؤوليتك عنها.. تقول «لأ».. طيب اعمليها إنت صح فترد: «برضه لأ».. طيب أرينى كيف تؤدينها إذا كنت تؤدينها بحق.. تقول «مش من حقك».

■ .. ولمصلحة من يحدث ذلك؟

- لمصلحة نظام فاسد طبعا، قد يبدو أنه متعلق بمصالح رجال أعمال وقد يكون هناك رجال أعمال مستفيدون بالفعل، لكن الأصل هنا فساد إدارى يضر بمصالح المواطنين وحياتهم.

ما المخاطر الغذائية المرتبطة بشهر رمضان؟

- أول شىء قد يسبب المرض هو نوعية الطعام الذى نأكله، فلا بد أن نفصل أولا بين سلامة الغذاء وتوازن الغذاء؛ لأن المرض لا يأتى فقط بسبب التلوث وإنما أيضا بسبب نوعية الطعام الذى نأكله، وفى شهر رمضان نواجه مشكلة فى توازن الغذاء، شرب المياه «بيتلخبط»، وبالتالى يزداد أكل السكريات وهذا أول ما يفقد الجسم اتزانه، وبالتالى فى رمضان بالذات نحتاج لروشتة غذائية تحفظ توازن الجسم، ثانيا المأكولات المخزنة مثل المكسرات كثيرة الاستهلاك فى رمضان، وقد تكون مخزنة من عام وفى هذه الحالة تكون مضرة صحيا، هذا بالإضافة إلى المشروبات المثلجة التى يتهافت عليها الناس فى الشارع.. ورأيت بعينى بائعاً يكسر الثلج على الأرض ثم يضعه فى التمر هندى والخروب.. «ببقى مش قادر أتصور إزاى الناس بتشرب الحاجات دى».. مع أن النظافة غير مكلفة.. النظافة أسلوب حياة.

على الرغم من أن يوسف والى يخضع الآن للمحاكمة.. إلا أن المزروعات التى قيل إنها مسرطنة ما زالت تملأ الأسواق.. فما رأيك فى ذلك؟

- حتى نكون دقيقين فى كلماتنا، لا يوجد شىء اسمه نباتات «مهرمنة»، فلا توجد هرمونات للنبات من الأساس، الهرمونات للحيوان، ونحن لا نستخدم هرمونات نباتية ولو كانت هرمونات صناعية تكون خطورتها فى اللحوم، ولكن المشكلة المزعومة ترتبط بالمبيدات، وفى حقيقة الأمر لا توجد مشكلة فى المبيدات الموجودة بمصر، المشكلة فى سوء استخدامها، لكننى أؤكد أنه لم يدخل أى وزير زراعة إلى مصر مبيدات مسرطنة.. النقطة هنا هل استخدم المزارع المبيد فى موعده وبطريقة مناسبة أم لا.. فهناك مبيدات تستخدم على مدى 6 أشهر، وعندما يستخدمه مزارع فى نبات سيحصد بعد شهر بالطبع سيتسبب فى الإصابة بأمراض الكلى وغيرها.. ولا نستطيع منع هذا المبيد لأن هناك نباتات تحتاجه، فمثلا المبيد الذى نستخدمه للقطن باعتبار أنه لا يؤكل عندما يستخدمه المزارع للخيار بالطبع سيصاب من يأكله.. وهنا تأتى المشكلة، وبالتالى إذا أردنا علاج المشكلة يجب ألا نحاسب من أدخل المبيد، نحن بذلك نعالج المشكلة خطأ، علاج المشكلة يكون بنظام وتشريع يحددان كيفية الاستخدام، لكن نحن على مدار جميع وزارات الزراعة الماضية والحالية لم يكن لدينا تشريع يحدد ضوابط استخدام المبيدات، وهنا تكمن الخطورة.

هل ترى أن يوسف والى لا يستحق المحاكمة؟

- والى قدم للزراعة وتحديث الزراعة الكثير، ولكنه أخطأ فى اختياره أناساً سيئين جدا، ولو لم يخترهم لما دفع هذا الثمن.

لكن لماذا بدأنا نرى أشكالا جديدة للفواكه والخضروات ونتذوق طعما مغايرا لها؟

- هذا انتخاب.. يعنى مثلا الفراولة ثمرة صغيرة الحجم وسريعة الفساد، وبالتالى بدأنا نلجأ لانتخاب الفراولة كبيرة الحجم لنحافظ عليها ولتعيش أطول، وهذا له علاقة سالبة مع طعمها، وكان علينا كزراعيين أن نختار بين هل يكون لدينا فراولة طعمها حلو لكن «متلقيهاش بعد شوية» أم فراولة طعمها أقل لكن تعيش مدة أطول، فالقيمة التسويقية للفراولة جعلت المزارعين يتجهون للفراولة الكبيرة الأقل طعما حتى تعيش معهم ويستطيعون أن يبيعوها ويكسبوا.

وماذا عن مرض السرطان الذى انتشر بصورة كبيرة وارتبط ذلك بالحديث عن المأكولات المسرطنة؟

- المرض لا يأتى من الانتخاب ولا غيره.. المرض يأتى من استخدام الصرف الصحى فى رى الأراضى الزراعية.

هل نحتاج لزيادة سعر الغذاء حتى نحسن جودته ونضمن سلامته؟

- لا.. ربما تزداد التكلفة شيئا بسيطا جدا لكنها ستحمى الفقير من نفقات المستشفيات والعلاج، وأجرينا دراسة كانت نتيجتها تقول إن سلامة الغذاء من مصلحة الفقراء؛ لأن الغذاء غير السليم يمرض الفقير الذى لن يستطع بعد ذلك تحمل تكاليف العلاج، ولكنه يستطيع بقليل من التكلفة لا تتعدى 10% أن يتفادى الإصابة، فمثلا بدلا من الشرب فى كوب زجاج عند بائع العصير إذا تم استخدام كوب ورق سيكون فرق التكلفة بسيطا.

هل تظن أننا بحاجة إلى الإصلاح الزراعى بعد ثورة 25 يناير كما حدث فى ثورة 23يوليو؟

- الإصلاح الزراعى لثورة يوليو اعتمد على إعادة توزيع الأراضى مرة أخرى، واتضح بعد ذلك أن هذا الإصلاح ربما كان محسوباً من ناحية العدالة الاجتماعية فوجد استحسانا عند مجموع الناس.. لكنه لم يعتد بكفاءة الإنتاج وتوفره، وهو ما أدى إلى ضعف الإنتاج وليس العكس، بعدما حدث تقسيما للرقعة الزراعية، كان يجب وقتها أن يكون هناك تشريع يحمى الإنتاج ويفرق بين الملكية وحق تقسيم الأرض، والتشريع الوحيد الذى صدر وقتها و«ضيع الدنيا فى مصر»، هو نظام الجمعيات التعاونية، وبسبب الجهل ارتبطت بمفهوم الاشتراكية، وأنها تعنى الوقوف فى طابور والحصول على فرخة، فى حين أن الجمعيات التعاونية أصلا نشأت فى نظام رأسمالى، وفائدتها الأولى فى كونها قناة تواصل مع الفلاحين، حتى يسهل مخاطبتهم، فلا تستطيع الحكومة مخاطبة 4 آلاف فلاح، لكنها تستطيع مخاطبة 40 جمعية مثلا يضم كل منها عدداً من الفلاحين.

ولأن قانون الإصلاح الزراعى صدر منذ أكثر من 60 سنة فلابد من إعادة النظر فيه مرة أخرى.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية