ميشال عون، مؤسس قانون الإجراءات الجنائية، والحزب المسيحي المتحالف مع حزب الله في تحالف 8 آذار، تم انتخابه بعد 29 شهر، من الشغور الرئاسي، رئيسًا للبنان، بعد تقارب وتحالف غير مسبوق مع أعدائه السابقين أمثال سعد الحريري، رئيس تيار الاستقلال، أحد أعضاء تحالف 14 آذار.
وبحسب صحيفة «لا كروا» الفرنسية الكاثوليكية، فإن لبنان الذي سقط لمدة سنتين ونصف في حالة الجمود السياسي، رغم تشكيل 45 جلسة برلمانية متتالية فقط من أجل تأجيل لأجل غير مسمي لانتخاب الرئيس، انتخب اليوم رئيس لبنان الـ13 بعد توافق أغلب الأحزاب السياسية عليه وأبرزهم خصومه.
وأضافت الصحيفة أن عون الرجل الثمانيني مؤسس التيار الوطني الحر احد أبرز تيارات تحالف 8 آذار، كان واثقًا من النصر، موضحة أن هناك فيما يبدو هيمنة على القرار اللبناني، مستدلة بطلب عون الأسبوع الماضي أنصاره إلى احترام القانون خلال الاحتفالات التي تتبع لانتخابات مما يعني –وفقًا للصحيفة- أن هناك إملاءات خارجية للبنان.
وأفادت الصحيفة بأن هذه الانتخابات تمثل نقطة تحول تاريخية في تاريخ لبنان، مؤكدة أن تكريس التقارب غير المتوقع مع أعداء المسيحيين السابقين يوضح التحول، لاسيما وأن سمير جعجع، رئيس القوات اللبنانية، فاجأ معسكره بالإعلان عن دعمه لميشال عون، والذي كان أيضًا قائد الجيش اللبناني سابقًا والذي كانوا بالأمس أعداء في الحرب الأهلية اللبنانية ما بين 1975 – 1990.
وأشارت الصحيفة إلى أن المصالحة لاقت ترحيبا لبنانيا مسيحيا كبيرا، ووفقًا لشارل سابا، مستشار سامي الجميل، رئيس حزب الكتائب المسيحي، فإن هذا الدعم يقتصر على الموعد النهائي لاختيار عون رئيسًا فقط، قائلاً: «نحن نرحب بالتقارب بين العدوين، لقد كان القتال بينهم محتدم حيث قدم أكثر من 2000 قتيل في عام 1990، مما يعني أن اتفاقهما ليس مرادفًا للتحالف السياسي»، موضحا أنهم ليس لديهم جدول أعمال مشترك، مؤكدًا أن الخلافات ستبقى، لافتا إلى أن الخمسة نواب التابعين لحزب الكتائب صوتوا للورقة البيضاء.
وأوضحت الصحيفة أنه بعد 15 عاما من المنفى القسري في فرنسا، بسبب فشل حرب تحريره ضد سوريا في عام 1990، عاد ميشال عون إلى لبنان في عام 2005، أعقاب اغتيال رئيس الوزراء في ذلك الوقت وفيق الحريري.
لكن المفاجأة، أنه اختار الانضمام إلى تحالف 8 آذار المعسكر الموالي لسوريا الذي يسيطر عليه حزب الله، مشيرة إلى أن في الطرف الآخر من الطيف السياسي 14آذار، انحاز سمير جعجع مع سعد الحريري، نجل رئيس الوزراء السابق الذي اغتيل والزعيم الحالي لحزب الأغلبية السنية في المستقبل.
وأكدت الصحيفة أن هناك اضطرابا في المشهد السياسي، موضحة أن يوم 20 أكتوبر الجاري، أعلن الحريري ترشيحه، لعون مما يعني أنه أطاح بالمشهد السياسي اللبناني، لعدم دعمه لزياد القادري عضو تيار المستقبل، مؤكدة أنه تحالف ضد الطبيعة، موضحة أنه نتيجة لظروف استثنائية.
وقد أوضح الحريري: نحن نعلم أن البلاد كانت على شفا كارثة كحرب أهلية أخرى، بعد 10 سنوات من الانقسام بين 8 آذار و14 آذار، و5 سنوات من الحرب في سوريا، لذلك اتجهت لدعم عون من أجل التوحد والحفاظ على لبنان ومواجهة التحديات الداخلية.
هذه الكلمات لم يقتنع بها، النائب أحمد فتفت عن تيار المستقبل الذي يتزعمه الحرير قائلاً: «الحجج متسقة ولكن لم أكن على علم بثقة الحريري لعون ولا حزب الله الذي لا يزال يقاتل إلى جانب النظام السوري على الرغم من مبدأ حياد لبنان حيال الأزمة السورية والذي أعلنه في إعلان بعبدا يونيو 2012، وأعتقد أن هذا هو الاستسلام الذي يضع لبنان في يد إيران راعية حزب الله».
ونوهت الصحيفة إلى أن ما وراء إعادة توازن القوى هو نهاية الفراغ السياسي، من أجل إيجاد حل للقضايا الملحة التي تعاني منها البلاد، من النفايات إلى الماء والكهرباء.
سامي عطا الله، مدير المركز اللبناني للدراسات السياسية، ملء الكرسي الرئاسي يعطي فقط مظهرا من مظاهر الحياة الطبيعية، مؤكدًا أن القيادة الحالية فشلت مرارًا وتكرارًا في تلبية مطالب المواطنين، قائلاً: «أنا آسف ولكن الحل ليس بإدارة قوية أو انتخاب رئيس قوي، وإنما السماح للبنان بحل مشاكله».
صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية أكدت أن عون الذي قلص صلاحياته عام 1989 بموجب اتفاق الطائف الذي أنهى 15 عامًا من الحرب الأهلية، عاد لينهي عطلة الرئاسة الطويلة، مؤكدة أن طلب عون قبل فوزه بالرئاسة لأنصاره بعدم الاحتفال بعد الانتخابات دليل على معرفته للنتيجة، موضحة أن ذلك بسبب تراجع الديمقراطية في لبنان.