متى يقلق نواب الشعب، ومتى يستشعرون الخطر؟.. الدولار كسر حاجز الـ18جنيهاً، والسكر غير موجود حتى الآن، والأرز رصيده صفر، كما يقول وزير التموين، والسيول تضرب البلاد والعباد.. فمتى ينزعج نواب الشعب؟.. متى يذهبون إلى البرلمان؟.. كيف تتأجل الجلسات لعدم اكتمال النصاب؟.. فمتى يكتمل النصاب، إن لم يكتمل الآن؟.. متى لا نشعر بالنوم؟.. فمتى «يشعر» نوابنا بالخطر؟!
لم أتوقف عند المؤتمر الصحفى للرئيس السيسى ونظيره السنغافورى، ولا رئيس لبنان الجديد ميشيل عون.. ولم أتوقف عند تداعيات وقاحة إياد مدنى، ومحاولة الملك سلمان امتصاص الغضب، عندما تحدث عن شراء الحلوى بالدين، وانتظار موسم الحج لشراء الأيس كريم والكازوزا.. خادم الحرمين لا يعيب علينا تلاجتنا الفاضية، ولكنه يتذكر أيضاً يوم كان ينتظر الحج ليأكل الأيس كريم!
ولكن استوقفنى خبر تأجيل جلسات البرلمان، لعدم اكتمال النصاب القانونى لانعقاد الجلسات البرلمانية، أكثر من أى شئ، كان يمكن أن أكتب فيه.. فقد لا تكون عندنا حكومة توقف نزيف الجنيه، فى مواجهة جميع العملات، وقد لا تكون عندنا حكومة تبنى حائطاً احتياطياً من السلع الأساسية.. لكن على الأقل كان ينبغى أن يكون عندنا برلمان.. مأساة بالفعل ألا تكون عندنا «حكومة ولا برلمان»!
وزير التموين الجديد، اللواء المصيلحى، أزعجنى عندما تحدث عن مؤامرة داخلية.. معناه أنه استسلم.. معناه أنه فشل فى المعركة.. عندما تبحث عن شماعة أعرفك فوراً.. أعرفك عاجزاً فاشلاً.. وأعرفك مهزوماً بلا حيلة.. هكذا أفهم تعليق الشماعات، وهكذا أفهم الكلام عن المؤامرات.. صحيح هناك مؤامرة، لكن أن تضربنا اقتصادياً وسياسياً.. وأن تضربنا فى مقتل، فهذا يعنى أننا «بلا حكومة»!
للأسف، نعيش منذ فترة بلا حكومة.. لا أحد ينقذ الجنيه من الانهيار.. انبطح أمام الدولار.. أصبح الدولار للكبار فقط.. تجاوز سن الـ18.. استخرج بطاقة، ومن حقه الآن التصويت فى انتخابات الرئاسة والبرلمان.. صعوده إلى هذه المرحلة يُسقط حكومات.. مع هذا لا يوجد شعب يسقط الحكومة، ولا برلمان.. يستيقظون متأخرين.. لا يذهبون للبرلمان فلا «ينعقد النصاب»، لأننا أمة لا تشعر بالخطر!
كنت أتصور أن يصحو النواب فجراً فى أحداث السيول المدمرة.. وكنت أتصور ألا يناموا أصلاً، حيث تجرى مرمطة الجنيه بهذا الشكل.. وكنت أتخيل أن يتم استدعاء رئيس الوزراء شخصياً، وليس أى وزير هنا أو هناك، للوقوف على حقيقة الموقف.. شبعنا من الكلام عن المؤامرات.. معكم القانون وفى أيديكم سيف السلطة.. علقوا الفاسدين على المشانق فى الميادين، الشعب يريد إسقاط الفساد!
لم يشغلنى شىء على المستوى الرئاسى، ولم يشغلنى شىء على المستوى الإقليمى.. ولم أنشغل بردود الأفعال على وقاحة إياد مدنى، فقط انشغلت بإدارتنا لكوارثنا.. هل نستطيع الفعل؟.. هل تؤكد تصرفاتنا أننا أحياء؟.. هل عندنا عرق ينبض بالدم؟.. متى نتحرك لإنقاذ مصر؟.. ومتى يكتمل النصاب؟!