استضافت «المصرى اليوم» فريق فيلم «الشوق» الذى تحدث عن مضمون الفيلم وتفاصيل التحضير له وتصويره، فتحدث المنتج محمد ياسين عن الميزانية والدعم الفرنسى الذى تلقاه الفيلم، والاتهامات التى واجهها بالإساءة لسمعة مصر، وتحدث المؤلف سيد رجب عن الرسالة الأساسية التى يطرحها الفيلم، وتجسيده شخصية «أبوشوق»، ودافع المخرج خالد الحجر عن الفيلم الذى واجه عدة اتهامات فنية منها سير الأحداث البطىء، وقتامتها، وتحدثت سوسن بدر عن شخصية «أم شوق» وظهورها بهذا الشكل اللافت، وتحدث الممثلون أحمد كمال ومنحة زيتون وسلوى محمد على ودعاء طعيمة عن مشاركتهم فى الفيلم والصعوبات التى واجهتهم ومدى اهتمامهم بتفاصيل كل شخصية.
الفيلم تعرض لانتقادات الإساءة لسمعة مصر، على الرغم من أنه لم يطرح للجمهور حتى الآن، وتحدد أوائل يناير المقبل لطرحه فى دور العرض، وربما تكون هذه الاتهامات هى رد فعل عكسى بعد حصوله على جائزتى أحسن فيلم فى المسابقة الدولية «الهرم الذهبى» وأحسن ممثلة فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى.
مجدى الجلاد: هذه الندوة سبقتها خطوة كريمة من المنتج محمد ياسين الذى نظم عرضاً خاصاً لصحفيى وضيوف «المصرى اليوم» لمشاهدة الفيلم، وكان رد الفعل رائعاً جدا، وفى تلك الندوة لنا 3 أهداف أساسية: الأول أن نعكس للناس تجربة محترمة حازت تقديرا دوليا فى مهرجان القاهرة السينمائى بجائزتين كبيرتين، والثانى مناقشة قضية الفيلم التى تناقش مصر الحقيقية، والثالث معرفة مصير تلك النوعية من الأفلام التى تذكرنى بأفلام مثل «الأرض» و«المصير» وغيرهما، وكيف يمكن أن تعود السينما المصرية لعمل تلك النوعية من الأفلام، لنبدأ قبل الاسئلة بسماع صناع الفيلم لمعرفة ماذا يمثل هذا الفيلم بالنسبة لكل منهم، نبدأ بالمؤلف.
سيد رجب: هذا الفيلم حلم حياتى، وقد بدأ بقصة قصيرة استلهمتها من واقع الحياة، وبعد أن انتهيت من كتابتها اعجب بها صديق لى وطلب ترجمتها وإرسالها لمجلة أمريكية إلكترونية والتى أرسلت إلىَّ نقوداً وطلبت منى بقيتها إن كانت رواية كبيرة لنشرها، وهذا شجعنى جدا لتحويلها إلى سيناريو فيلم، وقد أرسلته لعدة ورش سينمائية فاستجابت لى ورشة فى الأردن فحضرت فعالياتها، وأعدت كتابة السيناريو، ثم حضرت ورشة أخرى فى المغرب وقمت بتعديل السيناريو مجدداً، بعدها أرسلته للمخرج خالد الحجر فطلب منى تنفيذه كفيلم سينمائى.
المخرج خالد الحجر: هذا النص تحمست له منذ أن كان قصة قصيرة، ثم قرأت السيناريو عقب انتهائى من تصوير «قبلات مسروقة»، وعرضته على المنتج محمد ياسين وتحمس له وبدأنا التصوير، وأحب أن أقول إن أكثر شىء شدنى لهذا الفيلم هو أحاسيسه، فقد شعرت بأننى ألمس المشاعر فيه، كما أنه ذكَّرنى بأفلام مصرية عظيمة مثل «الحرام» و«بداية ونهاية»، فضلاً عن أنه مكتوب بطريقة جديدة وشخصياته مرسومة بحنكة.
المنتج محمد ياسين: أعجبنى السيناريو، لأنه محكم درامياً ويعبر عن واقع الشارع العربى، فهو قضية إنسانية، لكننى فى الوقت نفسه تشغلنى حسابات السوق فأنا منتج ويهمنى المكسب، لذا جلست مع خالد الحجر وعرفت منه أنه حصل على دعم فرنسى لهذا السيناريو قدره 120 ألف يورو، ورغم ضآلة المبلغ إلا أنه حمسنى لأنه مشاركة بقدر ما، كما أن معظم العاملين فى الفيلم تبرعوا بجزء من أجورهم، وبعد أن بدأنا التصوير مارست ضغوطاً إنتاجية على فريق العمل لتخفيض التكلفة، وقللت أسابيع التصوير من 7 إلى 5 فقط، وهذا قلل التكلفة وشجعنى لمواصلة التصوير، خاصة أن الدعم الفرنسى للفيلم لم يشكل سوى 10% من الميزانية، كما أن عطلاً فى النيجاتيف كلفنى 30 ألف يورو لإصلاحه، فلم أشعر بقيمة الدعم، ورغم تلك التحديات واصلت تصويره، لأننى أحببت تلك النوعية من الأفلام، وكنت أثق أن تقديراً ما سيناله هذا الفيلم، وحين فاز بجائزة الهرم الذهبى فى مهرجان القاهرة شعرت بجنى الثمار.
أضاف ياسين: هناك مصادر دخل إضافية تعوض منتجى السينما خسارة الشباك، منها إيراد المحطات الفضائية مثلا، لذا لا اعتقد أن أى فيلم سينمائى يخسر، وهذه النوعية من الأفلام تباع فى الخارج بشكل جيد ويمكن استخدام تقنية الدوبلاج لعدة لغات لتسهيل عملية تسويقها.
تحدثت سوسن بدر عن شخصية «أم شوق» وقالت: أحببت الشخصية جداً، لأنها نموذج للمرأة التى تعول أبناء وتنفق عليهم، وهذا نموذج موجود بكثرة فى المجتمع، كما أنها خصبة دراميا جداً وتغرى أى ممثلة لتقديمها، وأحببت الفيلم، لأنه مصرى جداً، ويختلف عن أعمال سبق تقديمها عن الحارة وفيه حدوتة بسيطة، وأحب أن أوضح أن تفاصيل كثيرة فى الشخصيات التى قدمناها يرجع الفضل فيها للمخرج سواء طريقة المشى أو «مسكة» الموبايل أو النظرة، وغير ذلك من أدق التفاصيل التى أهتم بها المخرج خالد الحجر.
منحة زيتون: أعجبتنى شخصية «تحية»، لأنها نموذج الأم التى تعانى من عقوق الابن، وشعرت أن الشخصية مغرية جدا بالنسبة لى.
الممثل أحمد كمال متسائلا : «وهل هذه النوعية من الأفلام أصبحت جاذبة للمنتجين بما أنها قابلة للتطوير؟»، فأجاب المنتج محمد ياسين قائلا: «بعد هذه الجائزة بدأت أبحث عن حلاوة تسلم الجوائز وهذا وحده يعادل المال، كما أن الفن الراقى الذى يحصد الجوائز قد ينال إعجاب الجماهير ويحقق نجاحاً تجارياً، ورغم أن هذا نادر، فإننى متفائل.
سؤال: هل الشخصية التى قدمتها كانت صامتة فى السيناريو، أم أنك حذفت حوارها بالاتفاق مع المخرج؟
أحمد كمال: كان مكتوباً لها جمل حوارية قليلة، ورأينا أن ظهور تلك الشخصية بصمت طوال الأحداث سيكون أفضل وسيعطى الصمت عمقا للشخصية، والمشاهد شعر أن هذا الشخص مكبوت لدرجة تجعله يصمت طوال الوقت، وكان هذا بالاتفاق مع المخرج والمؤلف.
سؤال: المرأة التى يعانى زوجها ضعفا جنسياً، لماذا لم تطلب الطلاق؟
سلوى محمد على: تلك المناطق ليس بها طلاق، والمرأة تتعايش مع مشاكلها، وهذه الشخصية تتعلق بالأمل من خلال قراءة الفنجان.
سؤال: هل هناك تشابها بين النماذج التى قدمها الفيلم والواقع؟
سيد رجب: نعم، وأبرز تلك النماذج الجارة التى تحب ابن جارتها وتتطور العلاقة بينهما لأبعد مدى.
سؤال: لا نرى أى علاقة بين اسم الفيلم وموضوعه، فهذا المكان البطل فيه هو الفقر وليس الشخوص الدرامية، فلماذا لم تختر اسما يعبر عن مضمون الفيلم؟
خالد الحجر: لا أحب أن يكون الاسم معبراً بشكل مباشر عن مضمون العمل.
سؤال: شخصية «أم شوق» تستدعى الخرافة حين يشعر المشاهد أنها «ملبوسة» بالجان، وهذا يفصل المشاهد عن المشكلة التى يعالجها الفيلم وهى تأثير الفقر على شخصيات الفيلم، فما ردكم؟
المخرج: هذه تركيبتها الشخصية، وقد رأيت «أم شوق» من زاوية ثانية وهى أن المال يفسد العلاقات الإنسانية، ويتضح هذا حين تشعر أنها اشترت معظم سكان الحارة.
سيد رجب: ركزت بشكل أساسى على تأثير الفقر على هؤلاء الناس، وأنا لا أؤمن بالشعوذة، ولكن أظهرت «أم شوق» ملبوسة بالجان، لأن هذه المرأة تحتاج للسلطة، وتستخدم كل إمكانياتها من أجل السيطرة.
سؤال: لماذا اتجهت معظم الجهود فى السيناريو والإخراج لخدمة شخصية «أم شوق» على حساب باقى الشخصيات؟
خالد الحجر: ليس مطلوباً منى كصانع فيلم أن أوزع الأدوار بالتساوى وقد أظهرت التفاصيل طبقا لحاجة المشاهد، فصاحب الدكان عاجز جنسيا وهذا «عامل» مشكلة مع زوجته، وبائع الجاز رائحته كريهة وتعانى منه زوجته فى الفراش، ولا نحتاج تفاصيل لتلك الشخصيات أكثر من ذلك، كما أن شخصيتى «شوق» وشقيقتها ضروريتان دراميا جدا، لأن صفات كليهما مختلفة فشقيقة شوق هى التى حرضتها على الانحراف.
دعاء طعيمة: شخصية «رجاء» مستمدة من الواقع، امرأة متعطشة جنسياً لأن زوجها يهملها، فتقيم علاقة مع ابن جارتها، وهذه المرأة لو كانت تعيش فى بيئة مختلفة ربما كانت ستطلب الطلاق.
سؤال: لماذا كان آخر يوم تصوير هو الأصعب؟
خالد الحجر: لأن هذا اليوم صورنا فيه مشاهد القطارات والشحاتة واستمر التصوير 25 ساعة متواصلة لذا كان يوم مجهد للغاية.
سلوى محمد على: أحب أن أشيد بذكاء الإنتاج فبدلا من أن يدفع مبالغ كبيرة فى كرفانات أنفق نفس الأموال على بيوت حقيقية وتركنا لأصحاب هذه البيوت كل ما أضفناه عليها قبل التصوير كهدية لهم.
سؤال: كنا نتخيل أن البحر سيخدم الدراما من حيث الإحساس بالغربة أو الهجرة، فالبلد الساحلية لم تخدم دراما الفيلم، وكان ممكن أن تدور الأحداث فى الكيت كات مثلا.. فما ردك؟
خالد الحجر: الحارة السكندرية منفتحة أكثر وهذا خدم الدراما بينما الحارة فى القاهرة متحفظة أكثر.
سؤال: لماذا غابت البسمة تماماً من الفيلم؟
خالد الحجر: غياب البسمة هو أكثر شىء حببنى فى هذا السيناريو لأنى كنت أريد عمل فيلم بهذا الشكل، ولم أخش من اتهامى بالتحريض، فالواقع به أكثر من هذا، ويكفينا نظرة عابرة على عناوين صفحات الحوادث.
سؤال: ميزانية الفيلم احتوت على دعم فرنسى يثير شبهة الإساءة لسمعة مصر، خاصة أن الأحداث كلها ترصد الفقر والمرض والانحراف والمعاناة.. فما ردك؟
محمد ياسين: هذا الدعم من الحكومة الفرنسية، لكن يجب أن يصلنا من خلال شركة فرنسية تأخذ 10%، وفى دول شرق أوروبا هناك منتجون يأخذون دعماً ويناقشون قضايا داخلية وهذا عادى، ثم إننى لا أقبل أبدا إنتاج فيلم به شبهة ولو بنسبة 1 فى المليون بالإساءة إلى مصر سواء معى دعم فرنسى أو أمريكى، صحيح أننى لبنانى لكن مصر هى بلدى الثانى وهى أهم بلد عربى، وأتعجب من بعض الصحف التى هاجمت الفيلم واتهمته بالإساءة إلى مصر، وأنه عن الكبت الجنسى، وكل هذا عارٍ تماماً من الصحة وكل ما فى الموضوع أن الرواية تستلزم التصوير فى حى فقير، فهل أصوره فى قصور؟ وأحب أن أقول لمن يتهموننى بهذا انتظرونى فى فيلم «365 يوم سعادة» سوف ترون روعة وجمال مصر، وكيف أننا نظفنا الطريق وغسلنا الشجر من أجل تصويره فى أبهى صوره، ويكفى أن أقول إننى أنفقت 300 ألف جنيه لتصوير مشهد واحد فى الأهرام ليلاً.
سؤال: الفيلم إيقاعه بطىء وهناك مشاهد كثيرة يمكن حذفها؟
خالد الحجر: هذا فيلم خاص جداً وسيناريو خاص جداً، وقد تعمدت أن يكون الإيقاع بطيئاً ليعكس أحاسيس الفيلم والحالة التى أريد توصيلها للمشاهد، و«الشوق» ليس به مط أو تطويل بدليل إشادة لجنة التحكيم الدولية به فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى.