تختص وزارة البيئة بملفات عديدة، تتقاطع مع غيرها من الوزارات والجهات الرسمية، إلا أن الوزارة تصدرت المشهد مؤخراً، لتحسم مصير شحنة دخلت مصر عام 1998، تحمل مادة «الليندين» الخطرة، وذلك باستصدار أمر من النيابة العامة لحرقها خارج مصر، من خلال عملية معقدة تبدأ خلال أيام.
التفاصيل يكشفها د. خالد فهمى، وزير البيئة، فى حوار خاص لـ«المصرى اليوم»، إضافة إلى حسم مصير أطنان من مبيدات وأسمدة منتهية الصلاحية، ومركبات عضوية شديدة الخطورة، فى زيوت المحولات الكهربائية.
المسؤول الأول عن حماية البيئة فى مصر يتحدث بكل صراحة عن أزمة استخدام الفحم فى مصانع الأسمنت، ويحسم الجدل حول قضية شغلت الرأى العام سنوات، تحت اسم «المبيدات المسرطنة».
التفاصيل فى السطور التالية..
■ البعض يعتبر وزارة البيئة وزارة «تقاطعية» بحكم أنها تتقاطع مع ملفات كثيرة.. لكن هل ترى أن هناك أزمة فى التنسيق بين الجهات داخل الدولة؟
- بالفعل وزارة البيئة تقاطعية، لأن مشاكل البيئة تقاطعية، مشاكل عبر القطاعات، مثل التلوث الصناعى بشكل معين، تتحمل نتائجه السياحة، أو محطات المياه، أو الصحة، أو الزراعة، لكن الاستثمار يكون فى الصناعة، لكن تكلفة البيئة لا تدخل فى حساباتها، وتعتبر الاستثمار غير مجد، وبالتالى من الضرورى التدخل، سواء بالتشريعات أو آليات حوافز، أو تفتيش، أو الرصد، وهو ما يغيب عن الكثيرين.
عند الكلام عن البيئة، إذا كان الهواء ملوثاً، أو يتم حرق قش الأرز، يكون المتهم «البيئة»، فى حين أن البيئة مجنى عليها، ويفترض أن تجرى وراء الجانى، أياً كان الجانى، أو المتسبب فى الضرر، وبالتالى يجب أن تكون الوزارة تنسيقية، وهو ما لا يفهمه الغالبية.
■ ما المقصود بالتنسيق هنا ونوعه؟
- مثلاً برنامج الإصلاح الاقتصادى ما تبعاته البيئية؟، وما الاعتبارات البيئية فيه؟، إذا كنا ندعم الطاقة، ومن المعروف أن دعم الطاقة يقود إلى هدر الطاقة، لأنها تصبح فى وجهة نظر كثيرين ذات تكلفة قليلة، ويزيد استهلاك المواطنين منها، دون ترشيد للطاقة، مثل الصناعة التى تحصل على تكلفة الطاقة بثمن لا يعكس تكلفتها السوقية، من هنا لن توفر الصناعة معدات موفرة للطاقة، وستستهلك طاقة أكثر، على الرغم من أنه يمكن اتخاذ إجراءات كافية لترشيد الطاقة حتى 30%، بشكل يؤثر فى التكلفة والتنافسية، لكن ماذا عن التلوث؟ وبالتالى إذا كان سعر الطاقة أقل، وليس لها تكلفة اقتصادية، أو تكلفة صحية، سيتم استهلاكها بشكل أكبر، ويزيد التلوث بشكل أكثر من اللازم ويتسبب فى مشاكل، وهنا تتدخل وزارة البيئة، إما بوضع آليات تحفز الصناعة على ترشيد الطاقة، أو تضع تشريعات حول الانبعاثات الصادرة عن عملية الإنتاج، بحيث يكون هناك نوع من الجزاء، أو عمل الأمرين معاً.
وبالتالى لدينا مشاكل على مستوى التنسيق، وهى مشاكل تقليدية تتعلق بوزارات البيئة فى العالم كله، من خلال التفاوض مع الصناعة والزراعة والصحة والسياحة وغيرها، والتنسيق مع كل هذه السياسات للوصول إلى أقل نسبة تلوث أو ضرر بيئى ممكن، وهو أمر غير سهل، ويحتاج أشخاصا يفهمون فى القطاعات الأخرى خارج وزارة البيئة، بالإضافة لفهمهم للبيئة.
■ موضوع الساعة الآن هو قرب التخلص من شحنة «الليندين» الموجودة فى ميناء الأدبية بالسويس منذ عام 1998، وأثير حولها الكثير أنها «شحنة مسرطنة» والبعض قال «مشعة».. ما الحقائق العلمية الثابتة فى هذا الأمر؟
- توجد مخلفات عبارة عن مواد خرجت من العملية الإنتاجية، لكنها بحكم الكيمياء الخاصة بها شديدة التلوث وخطر على البيئة، نطلق عليها الملوثات العضوية الثابتة، بمعنى أنها تتحلل فى البيئة لكن خلال فترة زمنية طويلة، مثل مبيد «الليندين»، وتبدأ القصة من الثمانينيات عندما بدأت المصانع فى أوروبا وغيرها تضع تشريعات ولوائح متشددة، تفرض على أى مصنع أو منشأة التخلص من أى مخلفات خطرة، وهو أمر مكلف للغاية، وكانوا يلجأون إلى نقل المخلفات خارج بلادهم، ودفنها فى بلاد أخرى لا تخضع لهذه اللوائح.
وننتقل إلى أزمة «شحنة الليندين»، التى دخلت مصر «ترانزيت»، من خلال شركة اتضح فيما بعد أنها وهمية، أدخلت الشحنة فى حاوية، واختفت، واستغرق الأمر سنوات للتعامل مع هذه الشحنة، والتعرف على ما فيها، واتضح أن بها مادة «الليندين»، وتم تأمينها، منذ ذلك الحين، وتحولت إلى قضية أمام جهات التحقيق، وتوصلت إلى أن صاحب الشحنة شخصية وهمية، والشركة التى أدخلتها وهمية، وأصبحت الحاوية حرز تحت تصرف النيابة، وتم فحصها وتحليلها أكثر من مرة، من خلال وزارة البيئة، والقوات المسلحة، ومعمل المبيدات التابع لوزارة الزراعة، حتى نعرف السبيل الأمثل للتخلص منها، وظهرت آراء عديدة.
■ ما تلك الآراء؟
- البعض اقترح دفنها فى مدافن خاصة مبطنة، وحاويات خاصة، وتم استبعاد هذا الرأى، لأن العمر الافتراضى للمدفن 40 سنة، فى حين أن الشحنة تحتاج 100 سنة حتى تتحلل، وبعد الرجوع لآراء العلماء والخبراء، وجهات مثل منظمة الأغذية والزراعة «الفاو»، قررنا نقلها والتخلص منها وحرقها فى الخارج.
وبالفعل استعنا بمرفق البيئة العالمى، واستطعنا إعداد مشروع، ليس فقط للتخلص من 200 طن «الليندين»، ولكن تشمل باقى الأسمدة والمبيدات التى انتهت فترة صلاحيتها، وكان لابد من تأسيس نظام فى مصر قادر على التعامل مع مثل هذا النوع من المخلفات، التى قد تنتج عن أنشطة مختلفة، وكان هدفنا بناء القدرات والبنية التحتية القادرة على التعامل مع مثل هذه المخلفات.
وتعاقدنا مع شركة يونانية بعد مرحلة طويلة من المناقصات، التى تتم وفقاً لاشتراطات دولية، لأنه سيتم تصدير الشحنة فى الخارج، وهو أمر مرتبط باتفاقية بازل لنقل المخلفات الخطرة، ويتطلب موافقات من الدول التى ستمر بها الشحنة، والوجهة النهائية للشحنة، والتى يشترط بها توافر الإمكانية والتصاريح الخاصة بهذه العملية، والأمر يخضع لإجراءات روتينية لكنها أساسية، وبدأت الشركة بشكل قوى، وحصلنا من النيابة على موافقات للتخلص من الشحنة، وهو أمر توقفنا أمامه كثيراً لأسباب قانونية.
■ لماذا؟
- مثلاً من المسؤول عن الشحنة، وبالتالى تصدرنا للموقف، وقلنا إننا مسؤولون عنها، للانتهاء من الإجراءات كما تنص عليها اتفاقية بازل، والتى تشترط تدوين اسم صاحب الشحنة، وانتهينا من كل هذه التفاصيل، وتعكف الشركة على الانتهاء من الإجراءات على الأرض، ونأمل أن نبدأ العملية فى خلال ثلاثة إلى أربعة أشهر، لأنه يتم التخلص من الكمية على جرعات، ويتم حرقها على جرعات، فى ظل إدارة معينة، فى إحدى المحارق المتخصصة للتخلص من النفايات الخطرة فى فرنسا، بالإضافة إلى التخلص من أمور أخرى.
■ مثل ماذا؟
- زيوت محركات الكهرباء، والأسمدة والمبيدات التى انتهت فعالياتها، وموجودة فى أماكن مختلفة، وفى إطار ذلك نبنى قدرات مجموعات عمل من الشباب، لكى يكون لدينا أشخاص لديهم القدرة على التعامل مع التكنولوجيات الحديثة، لأن التعامل مع هذا النوع من المخلفات مختلف، وكلما زاد تعقيد الصناعة انعكس ذلك على المخلفات، ما يتطلب وجود القدرة والخبرة التطبيقية للتعامل معها.
■ بموجب اتفاقية بازل يفترض أن تحصل مصر على موافقة الدول التى ستمر شحنة الليندين منها.. ما الذى فعلته الوزارة فى هذا الشأن؟
- هذه الإجراءات تقوم بها الشركة اليونانية معنا، لأنها ستكون مسؤولة عن النقل، طبقاً للعقد، وتحصل على وثائق وبيانات من وزارة البيئة، لأن كل بلد تمر منه الشحنة يجب أن نحصل على موافقات منه، ويتم إخطاره بالتوقيتات، وبموجب اتفاقية بازل، لأن الأمر خارج حدود الدولة، ويدخل فى سياق عمل المنظمات الدولية، وهذه الإجراءات تحتاج خبرة، لأننا فى مصر لم نقُم بذلك من قبل.
كنا دائماً نمنح موافقات وتصاريح لعبور مثل هذه الشحنات من مصر، عبر قناة السويس، أو فى أجوائنا، لكن إدارة عملية النقل هذه عبر مجموعة من الدول، وصولاً إلى الوجهة النهائية لهذه المخلفات، والتعاقد مع الشركة المختصة بالنقل، كل ذلك عملية لم نقم بها من قبل.
دققنا فى اختيار الشركة عبر مناقصة دولية، والشركة لن تنقل فقط الليندين، ولكننا سنتابع عملها، ونعمل سوياً، ونستفيد من هذه الخبرات وتصبح لدينا، ومستقبلاً ستكون لدينا شركات مصرية متخصصة فى هذا المجال.
■ قبل أن نغلق هذه النقطة يبقى لنا أن نعرف تكلفة عملية النقل ونصيب مصر منها؟
- الاتفاق ما بين الحكومة المصرية، ومرفق البيئة العالمى، ويكون للدول حصص، وتقدمنا للحصول على حصتنا من أجل إنجاز هذه العملية، وفى البداية كان مرفق البيئة العالمى يمنح الدول دولارًا مقابل كل دولار تدفعه، وتطورت الشروط، وأصبحت دولارًا من المرفق مقابل 5 دولارات من الدولة صاحبة الطلب، مع زيادة الطلبات على المرفق، وبالتالى مصر ممثلة فى وزارات البيئة والكهرباء والزراعة، وكل وزارة مخصص لها فى البند السادس مادة للإنفاق على الجزء الخاص بها، والجزء الخاص بنا هو التخلص من الليندين، وتدير وزارة البيئة المشروع بالكامل، وتختص الكهرباء بالجزء الخاص بزيوت المحولات، وتختص الزراعة بالمبيدات والأسمدة منتهية الصلاحية فى مركزين، وكل وزارة تضع ميزانية مقابل مساهمة مرفق البيئة العالمى، ويدير البنك الدولى المشروع مالياً مع الدولة المعنية، وهى مصر فى هذه الحالة، ممثلة فى وزارة البيئة التى تدير المشروع.
والمبلغ المرصود للتخلص من الليندين ليس كبيراً، ويقترب من نصف مليون دولار، ومساهمتنا فى المشروع حوالى 7 ملايين جنيه، وتشمل المناقصات والتدريب وإنشاء مخزن كبير جديد، ونستفيد من المكون المصرى فى مشروعات على الأرض، ونستفيد من المكون الأجنبى فى الخبرة الدولية، ويستفيد منها قطاع التشييد بتنفيذ مشروعات على الأرض، ونستفيد أيضاً من المكون الأجنبى فى الحصول على الخبرة الدولية، والأجهزة المتقدمة التى نحتاجها، ويظل أهم شىء الاستثمار فى العنصر البشرى فى هذه المشروعات.
■ المشروع ضخم جداً ويشمل زيوت المحولات للتخلص من مركبات «بى سى بيز» والمبيدات منتهية الصلاحية أو الملوثات العضوية الثابتة «بوبس» ولكن ما دور وزارة البيئة فى توفير قاعدة بيانات بهذه المركبات والملوثات القديمة حتى يمكن السيطرة عليها وعدم تكرار ما وصلت إليه الأمور؟
- من أهم الأمور التى عملنا عليها، فى المكون المؤسسى للمشروع، ويشمل التدريب وقاعدة البيانات، حتى يمكننا وضع خريطة بأماكن تواجد هذه المكونات، والاحتمالات والسيناريوهات الخاصة بها، مثلاً إذا كانت زيوت فى محولات سيتم رفعها من الخدمة مستقبلاً، وبالتالى يجب أن تكون لدينا خطة من الآن للتعامل معها، حتى نلزم المنشآت بذلك، وليس هدفنا التقييد أو وضع معوقات وعراقيل، ولكن هناك تكنولوجيات قائمة، قد تسبب خطرا بيئيا أثناء عملها أو بعد خروجها من الخدمة، وبالتالى من الضرورى قبل الحصول على التكنولوجيا يجب تحديد الحياة الكاملة للمنظومة، وهناك أدلة لاستخدام هذه التكنولوجيات، وتساعد وزارة البيئة فى بناء المدافن والمخازن للتعامل مع هذه المخلفات.
■ على ذكر المدافن لدينا مدفن الناصرية للتعامل مع المخلفات الصناعية الخطرة فى الإسكندرية، لكنه يحتاج إلى رفع كفاءته، هل لديكم تصور بذلك؟
- الحكومة الفنلندية بالتعاون مع جهاز شؤون البيئة أنشأت هذا المدفن، منذ حوالى 10 سنوات، وكان مخصصاً للمخلفات الصناعية الخطرة، ومقسما لخلايا تدار بشكل معين، ونعكف الآن مع محافظة الإسكندرية لبناء خلية جديدة، لزيادة قدرات المدفن، ونبحث أماكن أخرى أقرب للمناطق الصناعية.
سياستنا تقوم على تخفيض المخلفات الخطرة التى يتم دفنها، ونواكب الاتجاه العالمى، مما يعنى إيجاد مصادر أخرى لإعادة التدوير عندما يكون ذلك ممكناً اقتصادياً وفنياً، أو باستخدام الحرق مثل فرنسا وألمانيا، وكلتاهما تتبع إجراءات متشددة، وفى جميع أنحاء العالم يتم استخدام أفران مصانع الأسمنت فى حرق المخلفات الخطرة، لأن درجة الحرق عالية جداً وتفتت المكونات الخطرة، وبالتالى نسمح لنوع معين من مصانع الأسمنت بحرق المخلفات، وتوفر طاقة للمصانع، ولا تتضمن المخلفات العضوية الخطرة، لأنها تحتاج لتخصص عالٍ جداً، ورفضنا المخاطرة، رغم أن الخبراء الأجانب الذين استقدمناهم من الخارج أكدوا سلامة هذه العملية، ولكننا أصررنا على أن يتم الحرق فى الخارج، وعندما تكون لدينا الخبرة، ويجيزها الخبراء، وقتها نقوم بذلك.
■ من وقت لآخر تظهر على الساحة مصطلحات من نوعية «المبيدات المسرطنة» و«النفايات المشعة» دون تأكيدات من الجهات المسؤولة أو نفى ومعظمها مصطلحات متداولة منذ التسعينات، ما دور الوزارة فى ضبط هذه المصطلحات وتوضيح حقيقتها للرأى العام؟
- أتفهم أن البيئة والعلوم البيئية والموضوعات البيئية متخصصة، وأنا كوزير لا أفهم فى كل المشاكل البيئية، لكننى أدير هذه المشاكل، ولدينا خبراء من الصحة والاقتصاد والسياسة والعلوم الاجتماعية والهندسة يعملون فى الأمور البيئية، وبالتالى أتفهم الاستخدام السيئ لمصطلح بيئى تم تداوله بشكل معين، ولكن المشكلة فى أثر هذا الكلام على الناس، لأنه يصيبهم بالفزع.
بالطبع هناك أنواع من المبيدات إذا تم استخدامها بشكل خاطئ، ستسبب مخاطر، مثلاً عندما يخضع شخص للأشعة من أجل الفحص، ألا تستخدم مراكز الأشعة مواد ذرية، وكذلك من يخضعون لعلاج الأورام، ألا يستخدموا مخلفات، إنها مواد يمكن أن تسبب السرطان، إذا لم تتم إدارتها بشكل سليم تسبب مشاكل، أما إذا أديرت بشكل سليم فلا تسبب خطراً.
وهذا ما نريده، أن يدير الكل بضمير هذه المواد، وعثرنا منذ أيام على عقار كامل يضم معامل، ووصلت لنا المعلومة من خلال سيدة فاضلة، صورت تلك المعامل ورفعتها على صفحة الوزارة، وضبطنا المخلفات ونتتبع المسؤول عنها.
المخلفات أياً كان نوعها، بلدية أو صلبة أو خطرة أو طبية أو صناعية، لها أسس للتعامل والتداول، وإذا لم نتعامل معها بشكل صحيح أصبحت خطراً. وبالتالى أود التأكيد على أن منطقة شحنة الليندين آمنة تماماً، والعمل فى ميناء الأدبية مستمر وطبيعى.
■ مصر ملتزمة بتعهداتها الدولية سواء اتفاقية بازل أو معاهدة ستوكهولم لكن ماذا عن بروتوكول طوكيو والخاص بمادة ميثايل برومايد التى تؤثر على طبقة الأوزون ويفترض أن نتوقف عن استخدامها بحلول عام 2020؟
- نحن ملتزمون بكل من بازل وستوكهولم، ونرفض طلبات كثيرة جداً لمستوردين، ولا يفهمون لماذا لكنها تخضع لاتفاقية بازل، إلا أنها اتفاقية متخصصة جداً، وكل الاتفاقات وكل التشريعات يكون بها غموض، وكان اتجاه وزارة البيئة الأخذ بالأحوط، والاطلاع على تجارب الدول الأخرى، للتحكم فيما يرد إلينا من مواد.
وفيما يتعلق بالأوزون، مصر طبقت الاتفاقية وحصلنا على جائزة، والتزمنا بالاتفاقية، ونشكر صناعاتنا، وخاصة صناعة التكييف والتبريد، لالتزامهم بالاتفاقية وتوفير البدائل.
■ هناك فجوة أحياناً بين المواطن والأجهزة المسؤولة عن البيئة وكذلك الإعلام فى كثير من الأحيان، كيف يمكن تحقيق التكامل بين الجميع لحماية البيئة؟
- المواطن يجب أن يكون على وعى بمشاكل البيئة، والوسيلة الأساسية فى ذلك وسائل الإعلام، وبالتالى لا أفهم أن تكون هناك فجوة بين وسائل الإعلام والأجهزة التى تعمل فى الشأن البيئى، إلا إذا كانت المؤسسات لا تقبل النقد والملاحظات، ونحن كوزارة نقبل النقد والملاحظات بشرط أن تكون موضوعية، وفتح فرصة للنقاش المتحضر، لأنه إذا كان هناك خطر بيئى، سأكون أول من يتصدى له، ولن أخفيه.
■ هل ينطبق ذلك على ما أثير حول أزمة استخدام الفحم؟
- أثيرت هذه المسألة ولم يُقدم للجمهور المعلومات الكاملة، سواء للمؤيدين أو المعارضين، على الرغم من أنها قضية غير متفق عليها عالمياً، مثل ألمانيا والسويد وجنوب أفريقيا، وبالتالى يجب أن نتقبل الآراء، وهناك خبراء فى مواجهة خبراء، ولكن نسأل ما هو ممكن؟، وفى أى مرحلة أنت؟.
ألمانيا على سبيل المثال قالت إنها ستوقف استخدام الفحم بحلول عام 2030، إلا أن ألمانيا عادت فى العام الماضى خلال قمة المناخ، وقالت إنها ستمد العمل بالفحم حتى 2050، وحصلت على موافقة البرلمان الألمانى بعد معركة شرسة جداً. وتمت الموافقة على استخدام الفحم البنى، وهو بالمناسبة ممنوع من الاستخدام فى مصر، لكنه موجود بكثرة فى ألمانيا الشرقية، ولديهم تقنيات حرق متقدمة جداً، ولا يصدر عنها انبعاثات تضر الصحة، وبالتالى إذا تم استخدام الفحم دون تقنيات حرق شديدة التقدم سيسبب تلوثا، أما إذا كانت لدينا التقنيات فنحن آمنون.
وكل النقاشات فى العالم فيما يتعلق بالفحم، تدور حول مساهمته فى التغيرات المناخية، وتسعى الدول لإعطاء وقت فى سبيل التحول من مصدر طاقة إلى آخر، وعلى أمل وجود تكنولوجيات وتقدم فى مجال الطاقة المتجددة، ولو توافر للمواطن المصرى المعلومة العلمية بشكل مبسط، ودون تحيز، ونتركه يختار ما يريده دون إفزاعه.
■ كيف نطمئن لوجود الاشتراطات الخاصة باستخدام الفحم؟
- حرق الفحم مرتبط بمصانع الأسمنت، وتحصل على تصريح لاستيراد كمية معينة من الفحم، لمدة سنتين، وخلال السنتين نقيم الإجراءات المتبعة فى المصانع، وتقدم تقرير الأداء البيئى، ونقيس من خلال أجهزتنا الحساسة، وأوجدنا لجنة من الخبراء من الجامعات المصرية، والمجتمع المدنى، ومن المصنع، والمحليات، ووزارة البيئة، تدرس اللجنة تقرير المصنع، وتساعدنا منظمات المجتمع المدنى وترصد التجاوزات وتبلغنا بها، ويشاركون الوزارة فى القرارات، وطالما التزمت المصانع بما عليها، وحققت الصالح العام أهلاً وسهلاً، وسنعلن التقارير للرأى العام، ليس لدينا ما نخفيه، فقط أرجو التدقيق والتمحيص قبل نشر الأخبار، والتوقف عن التشكيك فى كل شىء، وإن كانت تلك فترة تمر بها البلاد، ومصيرها إلى زوال، فى النهاية مصلحة البلد هى أولوياتنا.