جفاف ومجاعة وتطرف وأعمال نهب وبلطجة.. ابتلاءات تخنق الصومال منذ أشهر، لتأتى أخيراً الكوليرا لتتوغل بها وتحاصرها كوباء لا يرحم بل يزيد الحال سوءا.
فلم يعد فى الصومال عامة مؤشرات لوجود حياة، وفى جنوبه خاصة، بعد أن احتل الجفاف الحاد جميع أراضيها، وتسبب فى اختفاء النباتات والحيوانات، بجانب ما يعانى منه البشر هناك من تهديد يومى للموت، إما بسبب انعدام الغذاء وإما بسبب اكتساح المرض أجسامهم.
وتحدث صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة «يونيسيف» عن مليونى طفل فى القرن الأفريقى يعانون سوء التغذية الحاد، ربعهم معرض للموت إن لم تصل المساعدات خلال أسابيع، وقال إن سوء التغذية يجعل حصانتهم أمام الكوليرا ضعيفة.
وطلبت الأمم المتحدة مساعدة عاجلة قدرها 2.4 مليار دولار لمواجهة مجاعة القرن الأفريقى، لكنها تقول إنها لم تتلق إلا نصف المبلغ، فيما تقدر الولايات المتحدة أن أكثر من 29 ألف طفل دون الخامسة لقوا حتفهم من جراء الجفاف والمجاعة فى جنوب الصومال فى الأشهر الـ3 الماضية. وقالت رئيسة العمليات الطارئة فى «فاو» كريستينا امارال «من الواضح جداً أننا بحاجة لنقل مساعدات عبر الحدود لجنوب الصومال».
وكان تحذير منظمة الصحة العالمية من تفشى «الكوليرا» السريع فى البلد، صادم للمنظمات الإنسانية التى تسعى إلى تدارك وضع مئات الآلاف المتماسين مع الموت. وقال الخبير فى المنظـمة، ميـشيل ياو، إن «عدد حالات الإصابة أكبر مرتين أو 3 مرات حتى عما كـان عليه العام الماضى.. لذا يمكننا القول إن هناك وباء للكوليرا». وأضاف: تم تسجيل 4272 حالة إصابة بإسهال حاد حتى الآن فى مستشفى بنادير بمقديشو معظمها بين أطفال دون الخامسة من العمر مما تسبب فى 181 حالة وفاة.
وأوضحت «الصحة العالمية" أن الكوليرا مرض معوى يرتبط فى أكثر الأحيان بمياه الشرب الملوثة، ويسبب الإسهال الشديد والقىء ويترك الأطفال خاصة عرضة للموت بسبب الجفاف. وذكرت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن ما يقدر بنحو 100 ألف صومالى نزحوا بسبب الجفاف والمجاعة فى المناطق الجنوبية من البلاد إلى مقديشو خلال الشهرين الماضيين سعياً وراء الغذاء والماء والحماية.
وليس ببعيد عن مقديشو، تراكمت الأتربة على الأراضى شبه القاحلة، المحيطة ببلدة دوبلى الحدودية، فى جنوب الصومال، واختفت النباتات، فيما تحكم المجاعة قبضتها على المنطقة وتخلو القرى من سكانها الجياع الذين فروا من ديارهم، وذلك فى أسوأ كارثة إنسانية فى أفريقيا منذ عقود.
وتظهر آثار طلقات الرصاص على المبانى فى دوبلى، وهى من ندوب المعارك التى جرت فى وقت سابق من العام حين طردت القوات الصومالية ومقاتلون من ميليشيا راس كامبونى، المتحالفة مع الحكومة، الميليشيات الإسلامية من البلدة الحدودية، ويقود مسلحون على أكتافهم أحزمة الذخيرة عربات دفع رباعى مدججة بالسلاح للإبقاء على سلام هش.
ويتمركز متمردو حركة الشباب التى ترتبط بصلات بتنظيم القاعدة على بعد 20 كيلومترا إلى الشرق فى قرية داجالاما، وعلى بعد 30 كيلومترا إلى الجنوب فى هاوينا.
وفى أرجاء الصومال ضاع المحصول، وتقريبا جميع الأطعمة فى المتاجر فى دوبلى مستوردة، وحتى تصل هذه الأطعمة من ميناء كيسمايو، الذى يسيطر عليه مسلحون، يضطر التجار لعبور عدة حواجز على الطرق وغالباً ما يجرى تحصيل ضرائب عنوة، لهذا السبب يفضل كثيرون أن يسلكوا طرقاً طويلة لتفادى هذه الحواجز.
ومن جانبها، دعت حكومة الصومال إلى تشكيل قوة إنسانية لحماية عمليات الإغاثة، فى وقت وسع فيه برنامج الغذاء عملياته مستثمرا انسحاب حركة الشباب المجاهدين من بعض المواقع فى العاصمة.وقالت منسقة الإغاثة الطارئة فى الأمم المتحدة، فاليرى آموس، يجب نشر مزيد من الشرطة الصومالية لحماية مراكز توزيع المساعدات، علمًا بأن هناك 3 آلاف شرطى صومالى تلقوا تدريبا استمر 3 أشهر بدعم أوروبى، وفقاً لما ذكرته «الجزيرة» الأحد.