مجدى عاشور، نائب الإخوان المسلمين، الذى خالف قرار الانسحاب من الانتخابات، وجرى فصله من الجماعة، كان محور الأحداث فى الجولة الثانية للانتخابات البرلمانية، وذلك على خلفية أنباء خطفه أو احتجازه من جانب «الجماعة» للحيلولة دون مشاركته فى المعركة الانتخابية، ولا يزال عاشور يثير التساؤلات حول حقيقة علاقته بالإخوان وانقلابه عليهم، إذ عرض عليه عدد من الأحزاب الانضمام إليها، فضلاً عن جبهة المعارضة فى الإخوان التى رفض الانضمام إليها.
«المصرى اليوم» أجرت حواراً شاملاً مع النائب الذى أحدث شرخاً فى تنظيم جماعة الإخوان المسلمين برفض قرار الانسحاب من الانتخابات فى الجولة الثانية، ورفض الاستقالة من «الجماعة» حتى صدر قرار فصله.. وإلى نص الحوار:
■ ما سبب أزمتك الشهيرة مع الإخوان، وما تفاصيل عملية الخطف؟
- لم أكن أعلم بقرار الانسحاب، وفوجئت به أثناء إحدى جولاتى الانتخابية، وهو ما أحزننى وكان يجب التشاور معنا فى قرار الانسحاب كنواب وشخصيات عامة، لذلك جهزت مذكرة لإرسالها إلى «المرشد العام» بها العديد من الاقتراحات، ومنها المطالبة بعدم الانسحاب، وإذا كان الانسحاب يقصد منه تعرية الحكومة، فإن هناك عشرات الوسائل لتعرية الحكومة ليس من بينها الانسحاب.
■ هل أرسلتها؟
- لا لم أرسلها، ولكننى أحتفظ بها، والسؤال هو إذا كان الانسحاب من أجل تزوير الانتخابات، فهل يعنى ذلك أن «الإخوان» لن يدخلوا جميع الانتخابات المقبلة، لأنها ستكون مزورة أيضاً؟.. وإذا كان «الإخوان» سينسحبون من أى انتخابات مزورة.. فمتى سيدخلون الانتخابات النزيهة إذن؟.. هل بعد 50 عاماً مثلاً.
■ يقال إن قرار انسحاب «الإخوان» من الانتخابات شهد تراجعاً، ثم عادوا وقرروا الانسحاب؟
- عندما علمت بقرار الانسحاب اتصلت بأحد قيادات «الإخوان» وقلت له إننى أعددت مذكرة وسأذهب بها إلى فضيلة المرشد، فقال لى لا تذهب، نحن مستمرون فى الانتخابات، ثم كان قرار الانسحاب.
■ ولكن ماذا فعلت عندما علمت بالقرار النهائى؟
- استجبت له بالطبع، لأننا نحن الإخوان نتعلم مبدأ الطاعة، وكنت آنذاك فى جولة انتخابية، فتوقفت وعدت إلى منزلى.
■ وهل أعلنت لأهل الدائرة قرار امتثالك لقرار الانسحاب، أم ماذا؟
- لم أعلن لأنه لم يكن المطلوب من المرشحين أن يعلنوا عن انسحابهم، وقرار «الجماعة» بمثابة إعلان عام.
■ لكن البعض، ومنهم «الإخوان» كانوا يرون أنك كنت نائباً مهمشاً، وليس لك أى ثقل حقيقى؟
- مضابط الجلسات فى مجلس الشعب شاهدة على أدائى البرلمانى، وقدمت خدمات لدائرتى ليس لها مثيل، منها أننى أدخلت الغاز الطبيعى فى الدائرة، وأعمال الصرف الصحى، واستطعت الحصول على 70 ألف قرار للعلاج على نفقة الدولة بنحو 132 مليون جنيه، وترتيبى فى كتلة «الإخوان» كان رقم (1)، وعلى مستوى الجمهورية رقم (3)، واستطعت توظيف أكثر من 2000 فرد من الدائرة فى القطاعين العام والخاص، وذلك نتيجة تفرغى لعملى فى المجلس كنائب، لأنه لم يكن لى أى مصالح شخصية، وهو ما أدى إلى الضغط الشعبى الجارف لرفض قرار الانسحاب.
■ ألم يكن من الأفضل أن يأخذوا رأيك فى قرار الانسحاب؟
- نعم.. قلت ذلك لأحد القيادات، إنه من المفترض أن تأخذ «الجماعة» رأى الـ27 مرشحاً خلال جولة الإعادة فى قرار الانسحاب، فقال لى مجلس شورى الجماعة أخذ القرار وهذا يلزم الجميع.
■ المشاركة ثار حولها جدل داخل «الإخوان» وكثير من النواب رفضوا الترشح، لمطالبتهم بعدم المشاركة؟
- كانت هناك مطالبات تنادى بذلك، لكن قرار مجلس الشورى بالمشاركة حسم الأمر.
■ وما الذى حدث عندما رفض الأهالى انسحابك؟
- تجمع الأهالى أمام منزلى وظلوا يهتفون وينادون بالمشاركة، فيما كان فريق آخر ليس كبيراً من «الإخوان» يطالب بالانسحاب ودارت مشادة كلامية بين الفريقين، ثم فوجئنا بخروج مجموعات كبيرة قسمت نفسها، وجابت الدائرة بالميكروفونات، وأعلنوا استمرارى مرشحاً عن الدائرة، ورد عليهم «الإخوان» بكتابة ورقة تم توزيعها بقرار انسحابى، وتبارى الطرفان فى توزيع منشورات أحدها بالمشاركة وآخر مضاد بالانسحاب، مما أصابنى بمرض شديد، فقررت ترك المنطقة بعيداً عن الضغط الشعبى المتزايد، وقلت لنفسى يجب أن أذهب بعيداً عن المنطقة إلى أن يقضى الله أمراً كان مفعولاً.
■ ذهبت إلى أين.. ومع من؟
- ذهبت مع اثنين من أصدقائى، ممن يؤيدون فكرة الانسحاب وذهبت فى البداية إلى التجمع الخامس، ثم إلى الإسكندرية.
■ ولماذا الإسكندرية تحديداً؟
- كان الاختيار عشوائياً، وقلنا نذهب إلى بورسعيد أو الإسماعيلية، ثم قررنا الإسكندرية، لسعة المحافظة.
■ إذن من كان وراء خطفك؟
- شقيقى الكبير عندما علم بأن الإخوان أخذونى وخرجت معهم، ظن أن «الجماعة» خطفتنى وتقدم ببلاغ إلى الشرطة وتحركت أجهزة الأمن، لأننى مازلت نائباً.
■ لكن تردد أنك اتصلت بالأسرة بعد اختفائك وقلت لهم إنك مخطوف؟
- لا لم يحدث، وكل ما حدث أن أخى قال فى البلاغ إنه تم اختطافى.
■ لكنك ذكرت فى النيابة أنه تم احتجازك وتم تقييد حركتك؟
- أنا نفيت فكرة الاختطاف وقلت تم احتجازى، وهناك فرق، والمحضر فسّر غلق تليفوناتى على أنه تقييد للحريات، وتم توضيح ذلك اللبس فى النيابة، وقالت إن غلق الهواتف يحتمل أكثر من وجهة، وتم الإفراج عن المتهمين.
■ كيف تمت معرفة مكانك فى الإسكندرية؟
- بطريقة ما تم القبض علينا فى أحد شوارع الإسكندرية، وتوصلت لنا أجهزة الأمن عن طريق الهواتف، وأعتقد أنهم تتبعوا التليفونات، لأن تليفونى كان مغلقاً طوال الأيام الثلاثة، وعندما فتحته لمدة دقائق، بعدها بربع ساعة وصل إلينا الأمن.
■ إلى أين ذهب بك الأمن بعد القبض عليك ومعك المتهمون بخطفك؟
- بصراحة كان تعامل الأمن معنا راقياً جداً، وكانت معاملة طيبة جداً، ولم يستخدموا العنف مع المتهمين أو المجموعة التى كانت معى، وأخذونى فى سيارة خاصة تليق بى كنائب فى البرلمان، وذهبوا بى إلى مقر جهاز أمن الدولة فى الإسكندرية، والتقيت هناك أحد القيادات المهمة فى الجهاز.
■ ما الذى دار بينك وبين القيادة الأمنية؟
- وجدته يعرف كل شىء وقال لى ما دامت هناك شعبية كبيرة لك داخل الدائرة.. فلماذا تخذل الأهالى الذين منحوك أصواتهم ومستعدون لمنحك أصواتهم مرة أخرى.. وتعامل معى الرجل بأسلوب راق شكرته عليه.
■ لكن «الإخوان» يقولون إن اتفاقاً جرى بينك وبين الأمن يقضى باستمرارك فى الانتخابات و نجاحك؟
- لم يحدث أن اتفقت مع الأمن، لأن الأجهزة الأمنية كانت تؤدى دورها فى التعامل مع بلاغ رسمى من أهلى وأسرتى، وعندما عدت إلى القاهرة ودائرتى وجدت مسيرة حاشدة، تضم مئات السيارات، فى استقبالى، ولم أتوقع كل هذا العدد الكبير، وكان موقفاً مهيباً فتأثرت جداً بهذا المشهد.
■ وماذا فعلت مع الإخوان؟
- اتصلت بأحد القيادات الإخوانية، وحكيت له ما حدث معى فى الدائرة وقلت له: إننى فى أزمة بين رغبة الدائرة الجارفة وبين الالتزام بقرار «الجماعة»، فقال لى سوف تقف أمام الله يوم القيامة وحدك ليسألك، ولن ينفعك لا «الإخوان» ولا «الحكومة»، ولا أهالى الدائرة ولا مجلس الشعب ولا أى شىء فى الدنيا، وطلب منى أن أستفتى قلبى وأدعو الله بإخلاص أن يرزقنى الهداية فى الانسحاب أو المشاركة، وأن أصلى صلاة استخارة والابتهال إلى الله، وأن يخلصنى مما أنا فيه لاختيار أى الطريقين أسير، هل أختار طريق «الإخوان» الذين لم يستمعوا لى أبداً، الذين تعلمت منهم ومن مبادئ الإمام الشهيد حسن البنا الكثير، أم أختار طريق العمل فى الشارع والتضامن مع الجماهير وآمال الناس المتعلقة فى شخصى المتواضع، وبالفعل صليت استخارة ووجدت نفسى منشرحاً لقرار الاستمرار فى الانتخابات.
■ وهل التقيت أحداً من مكتب الإرشاد عقب عودتك إلى القاهرة؟
- لا.. لم ألتق أحداً من «الإخوان»، لكنى جلست مع القيادات عقب النتيجة.
■ ما الذى دار بينك وبين قيادات الإخوان فى هذا اللقاء؟
- تناقشنا فى الموضوع من أوله إلى آخره.
■ وإلى ماذا انتهى اللقاء؟
- عرضوا علىّ ضرورة تقديم استقالتى من البرلمان، التزاماً بقرار «الإخوان»، وفى المقابل عرضت عليهم سلبيات الاستقالة، وقلت لهم وجهة نظرى، خاصة الضغط الشعبى، وبعد نقاش استمر لمدة أربع ساعات طلبت منهم أن يمهلونى يومين للتفكير فى الموضوع.
■ وكيف فكرت فى الاستقالة؟
- استشرت أهل دائرتى ولم أجد إنساناً واحداً يقول لى استقل، كل من استشرته يقول لى مهدداً سنقاطعك، ثم كان قرار استمرارى فى المجلس.
■ هل أبلغت «الإخوان» بهذا القرار؟
- لا، لكننى نشرته فى الصحف.
■ ولماذا لم تعلمهم بقرارك؟
- احتراماً لهم وتقديرا منى للإخوان الذين لا أستطيع الوقوف أمامهم، أو أرفض لهم طلباً فاخترت طريق النشر عن طريق الصحف، لأن حيائى يمنعنى أن أخبرهم بذلك.
■ لكن «الإخوان» قالوا إن الدولة زورت لك وقامت بإنجاحك لتظهر منشقاً عن «الجماعة»؟
- الإخوان قوة لا يستهان بها، ولست أنا الذى أشق الصف الإخوانى، وأنا لى وضع خاص وعليهم أن يتفهموا موقفى من هذه القضية، وكان ردهم من خلال إصدار قرار قال: إن الإخوان ليس لهم ممثل فى مجلس الشعب.
■ لكن الإخوان قاموا بفصلك من التنظيم؟
- كنت أتوقع القرار وهم أرادوا أن يحفظوا هيبتهم، وأن يقولوا للعالم كله، إنهم لن يتأثروا حتى لو كان لهم نائب فى مجلس الشعب.
■ ألا ترى أن قرار فصلك قرار لصالح التنظيم وليس لصالح الدعوة؟
- نعم.. القرار لصالح التنظيم وليس لصالح الفكر والدعوة، لأن التنظيم قائم لحفظ الدعوة.
■ هل لذلك ذكرت أنك سوف تستمر حاملاً لدعوة الإخوان داخل المجلس؟
- «الجماعة» لن تتأثر بقرار فصلى، وأحترم كل قيادات «الإخوان» ممن أصدروا القرار ولن أعادى «الجماعة»، أو أقف فى طريقهم وسأظل على أفكارهم ومبادئهم.
■ هل لك علاقة بتنظيم الإخوان؟.
- علاقتى التنظيمية بالإخوان منقطعة منذ 5 سنوات, لأننى شخصية عامة، ولست رجلًا تنظيميًا، وما قلته إنه إذا كان قرار الفصل هو «تنظيمى» فأنا لست فى التنظيم منذ 5 سنوات.
■ لكنك قلت إنك تدرس الانضمام إلى جبهة المعارضة الإخوانية؟
- درست قرار الانضمام إلى «الجبهة» لكننى تراجعت، لأننى من الممكن أن أكون ناصحًا للإخوان لا معارضًا.
■ هل تراجعك عن الانضمام إلى جبهة المعارضة نتيجة وجود مآخذ لك على الجبهة وتصرفاتها؟
- نعم.. فأنا ضد تجريح «الإخوان» الذى تعمل به الجبهة، كما أننى لا أريد أن أكون ندًا لهم مثلما تفعل الجبهة.
■ ما علاقتك الآن بالدولة؟
- علاقة جيدة بصفتى رجلاً شعبيًا، أريد الإصلاح والخير لأهل دائرتى، وأحب الخير لكل الناس »الإخوان« وغيرهم.
■ وعلاقتك بأجهزة الأمن؟
- لابد أن أشهد أن معاملة أجهزة الأمن لى منذ بداية الأزمة حتى نهايتها طيبة وحسنة، ولذلك غيرت رأيى فى الكثير من القيادات الأمنية، وتأكد لى أن منهم الكثير الذى يحب الوطن عكس ما كان يشيع الإخوان، والمشكلة كانت ولاتزال فى نظرية المؤامرة، التى تجمع بين الأمن و«الإخوان».
■ الإخوان لديهم هاجس أمنى عالٍ..؟
- شىء طبيعى أن يكون للإخوان هاجس أمنى عال، لأنهم يلاحقون يومياً، ودعنى أقول لك فى المقابل، إن قيادات الأمن يهمها مصلحة مصر وقالوا ذلك.
وقالوا أنهم يتمنون أن يظهر الإخوان على السطح، فقلت لهم إن «الإخوان» لو ظهروا على السطح سيتم القضاء عليهم، والإخوان أنفسهم يقولون إن الأمن لو أعطاهم الأمان فسوف ينشرون أسماءهم جميعاً على الإنترنت.
■ لكن الإخوان يستفيدون من كونهم محظورين ويرفضون العلانية؟
- أولاً لابد أن يسمح النظام للإخوان بإنشاء حزب سياسى حتى يكون بمثابة وعاء قانونى، والذى يمنعهم من تقديم حزب سياسى هو الخوف من رفض لجنة الأحزاب، التى يترأسها قيادات الحزب الوطنى، قبول أوراق حزبهم، وهناك من يناصر هذه الفكرة وآخرون يرفضونها.
■ ذكرت لى قبل أيام أن الحزب الوطنى وآخرين عرضوا عليك الانضمام لأحزابهم.. من هم؟
- عرض «الوطنى» كان من بعض النواب الكبار المنتمين للحزب وليس من القيادات ورفضت.
■ ومَنْ مِن الأحزاب الأخرى؟
- قيادات من حزب الغد والحزب الناصرى ونواب من حزب الوفد عرضوا علىَّ جميعا الانضمام إلى الغد والناصرى والوفد، ولكنى رفضت رغم تقديرى لهم، لأننى سأظل مستقلاً على مبادئ الإخوان.
■ وهل تتوقع أن يرشحك الإخوان فى انتخابات 2015 القادمة؟
- لا أتوقع ذلك أبداً.
■ ما رأيك فى الانتخابات؟
- كانت هناك انتهاكات فردية والدولة لا تستطيع أن تسيطر على كل هذه الانتهاكات، والانتخابات لم يتم تزويرها كما يقول البعض.
■ ما موقفك من انتخابات الرئاسة المقبلة.. هل ستؤيد ترشيح الرئيس مبارك؟
- إذا استمر الرئيس لفترة رئاسية مقبلة سوف أرشحه وإذا كان الرئيس القادم جمال مبارك فلا مانع من موافقتى عليه شريطة أن يقدم برنامجاً جيداً يحقق العدل والمساواة.
■ كيف ترى أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطنى؟
- رغم اختلافى معه فى كثير من المواقف، إلا أن الرجل شخصية محترمة وتستحق الدراسة، وهو مخلص لحزبه ويستحق ما وصل إليه.