منذ أن دخلت مصر نادى العشرة الأوائل فى نسبة انتشار مرض السكر، وهناك أصوات تنادى بضرورة التعامل مع هذا المرض بشكل حاسم، قبل أن يتحول إلى وباء، وذلك عن طريق التوعية، التى يعتبرها البعض فى أحيان كثيرة «أهم من العلاج»، ويراها آخرون فى نفس أهمية «الأنسولين» لمريض السكر.. وفى هذا الملف الخاص يلقى «صحتك اليوم» الضوء على طرق الوقاية من مرض السكر، وأهمية ممارسة الطفل المصاب بالمرض حياته الطبيعية، كما يطرح سبل تأثير السكر ليس على البنكرياس فقط، بل على كل أجهزة الجسم، وكيف يمكن أن يكون ضيفاً ثقيلاً عدوانياً أو محترماً هادئاً، والأهم من ذلك كيفية التعامل مع هذا الضيف.
د. صلاح الغزالى حرب: 25% من المصريين مصابون بالمرض
حذر الدكتور صلاح الغزالى حرب، أستاذ أمراض الباطنة بكلية طب قصر العينى، من فشل مشروع الكشف المبكر عن السكر الذى بدأ عام 2003 بسبب الإهمال، وأشار إلى أن النتائج التى خرج بها المشروع حتى الآن تشير إلى أن 25% من الشعب المصرى ما بين مصابين بالسكر أو مرضى بالسكر ولا يعرفون، وآخرون لديهم ما قبل السكر، لافتا إلى أن الميزانية المخصصة للمشروع ضعيفة للغاية، وأن وزير الصحة لم يهتم بمعرفة تلك النتائج حتى الآن.. وإلى نص الحوار:
■ كيف بدأت فكرة المشروع ؟
- الإحصائيات التى وضعتها منظمة الصحة العالمية أشارت إلى أن مصر ضمن أكثر 10 دول معرضة لوباء السكر، ولا يوجد لدينا فى مصر أى إحصاء دقيق عن مرضى السكر، يعنى لا أنا ولا وزير الصحة نستطيع تحديد عدد مرضى السكر فى مصر، ومن هنا جاءت الفكرة ببدء مشروع الكشف المبكر عن مرض السكر فى يوليو 2003.
■ هل كان الهدف من المشروع الكشف عن أعداد المرضى الحاليين فقط ؟
- لا، كنت أريد أن أحدد المرضى الذين لديهم مرض السكر ولا يعلمون، إضافة إلى من لديهم مرض ما قبل السكر، وهذا مهم جدا فى العلاج.
■ كيف كانت البداية؟
- كتبت بروتوكولا وبرنامجا للمشروع وسميته مشروع الكشف المبكر عن السكر وسلمته للدكتور حسن القلا، وكيل وزارة الصحة للطب العلاجى وقتها، وهو قام بتسليمه للدكتور محمد عوض تاج الدين، وزير الصحة السابق، وطلب الأخير تشكيل لجنة للمشروع، وتم اختيار مدير معهد السكر وقتها، الدكتور سامح عبدالشكور، واخترت أنا الدكتورة مديحة سعيد، أستاذ الصحة العامة والإحصاء، إضافة إلى الدكتور سيد عبدالحافظ، أحد أطباء وزارة الصحة، وتم تشكيل لجنة المشروع، وبدأنا فى يوليو 2003، وطلبت أن يتم تنفيذ المشروع فى المستشفيات، بحيث يتم تخصيص غرفة بجانب عيادة الأمراض الباطنة ليتم إجراء الفحوصات على كل أصحاب أمراض الضغط والسمنة والسكر ونطلب منهم أن يحضروا أقرباءهم، ونقوم بإجراء التحاليل لهم بالمجان.
■ هل تم تنفيذ المشروع فى جميع المستشفيات؟
- بدأنا المشروع فى مستشفى الخليفة، وكان رأيى وقتها أن نبدأ بمستشفى فى القاهرة الكبرى وآخر فى وجه بحرى ووجه قبلى، فاخترنا الخليفة ومنوف وسوهاج، وبعدها أضفنا أم المصريين والمنصورة وبنى مزار وشبرا العام وأبوقير العام وبنى سويف العام، وبعد مرور 7 سنوات فحصنا أكثر من 100 ألف مواطن، ولم يحدث فى أى بحث طبى أن يتم فحص هذا الكم من المواطنين، وإذا ذهبت لأى مستشفى من هذه الآن ستجدين غرفة لهذا الغرض، ووصلنا لـ 15 مستشفى فى مصر حتى الآن.
■ ما النتائج التى توصلتم إليها؟
- أشارت النتائج إلى أن 14% مصابون بمرض السكر ولا يعرفون، و12% لديهم مرض ما قبل السكر، ووجدنا أن هناك اختلافات بين وجه بحرى ووجه قبلى، لذا نطالب بمساعدة إخصائيى التغذية فى مصر لمعرفة أسباب الاختلافات، فهناك مستشفيات فوجئنا بأن نسبة السكر بها عالية جداً.
■ أين دور وزارة الصحة؟
- لم تهتم الوزارة بالإعلام الكافى عن المشروع، إضافة إلى أن الميزانية المخصصة من الوزارة لا تكفى، ولم يهتم وزير الصحة بمتابعة نتائج المشروع، على الرغم من أنه أكبر مشروع فى مصر من ناحية عدد المشتركين فيه، ولو سألنا كم مسؤول فى مصر يعرف عن هذا المشروع، بصراحة لا أحد، لذا نتمنى أن يعرف الناس عن هذا المشروع الخطير، وتتاح لنا الإمكانيات، خاصة أن الأطباء الذين يعملون فى هذا المشروع يتقاضون 60 جنيها فى الشهر، وهذا لا يجوز.
■ هل هذا معناه أن المشروع مهدد بالفشل؟
- أخاف أن يموت هذا المشروع، لذا كل ما أريده متابعة المشروع، لأننى متطوع وأريد للمشروع أن يكتمل، وأن يتم الاعتناء بالأطباء العاملين فيه بشكل أكبر حتى نتمكن من السيطرة على مرض خطير مثل السكر.
رئيس «الجمعية المصرية للغدد»: سرعة الكشف عن إصابة الأطفال بالسكر تساهم فى تحديد طرق مواجهته
طالبت الدكتورة إيزيس محمد غالى، أستاذ طب الأطفال والغدد الصماء والسكر بجامعة القاهرة، وزارة الصحة بتشكيل هيئة إحصائية لتسجيل حالات الإصابة بمرض السكر، مؤكدةً أن الأب يستطيع إبلاغ الوزارة بمجرد إصابة طفله بالمرض «لأن الأهم فى الإحصاء هو معرفة وقت الإصابة».
وحول كيفية إصابة الطفل بمرض السكر قالت رئيسة الجمعية المصرية للغدد الصماء والسكر للأطفال والبالغين فى تصريحات خاصة لـ«صحتك اليوم»: «عادة يصاب الطفل بمرض السكر بعد عجز خلايا البنكرياس عن فرز الأنسولين، ومن المهم أن تتفهم الأم أنها ليست المذنبة فى إصابة أطفالها بمرض السكر، فأعداد الأطفال المصابين بالمرض مرتفعة على مستوى العالم، دون تفسير واضح لذلك الارتفاع».
وأشارت إلى أن هناك نوعين من السكر قد يصيبان الأطفال، الأول «السكر المعتمد على الأنسولين»، الذى عادة ما يصيب الأطفال، وهو «غير وراثى» نتيجة توقف فرز الأنسولين، أما النوع الثانى، غير معتمد على الأنسولين بشكل أساسى، وعادة ما يصيب الكبار أو الصغار فى بعض الأحيان، ويكون السبب هو الأكل الزائد أو السمنة، وربما يتدخل عنصر الوراثة فى الإصابة بذلك النوع - على حد تأكيدها.
وأوضحت إيزيس أن الطفل المصاب بالنوع الأول من السكر، يحتاج إلى عناية كبيرة جداً من جانب الأم والأب والطبيب، من خلال تقديم دروس كاملة للوالدين عن كيفية التعامل مع أطفالهم المصابين بالمرض، بداية من جرعة الأنسولين إلى أنواع الطعام والرياضة الواجب ممارستها.
وتنصح إيزيس الأمهات باللجوء إلى المعمل فوراً، عند ظهور أى أعراض غير طبيعية على أطفالهن، ونفت وجود أى معوقات فى علاج الطفل المصاب بالمرض، وقالت: «التقدم العلمى الرهيب فى الطب لم يكن فى الحسبان، فجميع أنواع أقلام الأنسولين متوفرة، وجميع الأنواع أيضاً نجدها داخل مصر، مما يساعد على نجاح تقليد عملية فرز الأنسولين فى الأشخاص الطبيعيين».
وترى إيزيس أنه: «لابد من معاملة الطفل المصاب بالسكر بذوق واحترام، دون ممارسة أى نوع من الضغط عليه، فغالباً ما يحتاج إلى الخروج من الحصة للأكل أو الشرب أو قضاء الحاجة، نظراً لطبيعة المرض، لذا على المعلمين والإدارة المدرسية تفهم ذلك جيداً، بجانب السماح لهم بالاشتراك فى الرحلات المدرسية». وأضافت: «علينا زيادة أعداد النوادى الاجتماعية فى مصر، فالرياضة من أهم الإمكانيات التى تساعد على علاج المرض، ونظراً لزحام الشوارع بالقاهرة، فعلى النوادى السماح لأعضائها بركوب الدراجات بداخلها نظراً لأهمية تلك الرياضة لمرضى السكر من الأطفال».
«الضعف الجنسى» يهدد 50% من مرضى السكر
غالباً ما نتحدث عن علاقة مرض السكر بجميع وظائف الجسم، دون أن نتناول علاقته بالجنس، فى الوقت الذى يؤكد فيه الأطباء أن هناك علاقة وثيقة بين مرض السكر والحالة الجنسية، لأنه فى حالة عدم ضبط نسبة السكر، بحيث لا تزيد على 120:80، ومع تقادم إصابة المريض بالسكر، تتعرض الأعضاء التناسلية لحدوث التهابات، تعوق إتمام العلاقة الجنسية، بسبب ضعف الدورة الدموية بهذه الأعضاء، كما يؤكد الأطباء أن الأمر يشمل الرجل والمرأة.
«50% من مرضى السكر معرضون للإصابة بالضعف الجنسى».. هذا ما أكده الدكتور حامد عبدالله، أستاذ أمراض الذكورة بطب قصر العينى، وأضاف: «يتوقف تعرض مرضى السكر للضعف الجنسى، على حسب فترة الإصابة بالمرض، فبالنسبة للرجل، إذا كانت إصابته بالمرض من سنة إلى 3 سنوات، لا يكون هناك أثر، لعدم تأثير السكر على أنسجة الجسم كلها بشكل كبير، أما إذا كان المريض مصاباً منذ فترة كبيرة، ومع ارتفاع نسبة السكر فى الدم، يؤدى ذلك إلى ضيق فى الشرايين المغذية للأعضاء التناسلية، مما يؤدى إلى حدوث التهابات فى هذه المناطق الحساسة، ويعوق وصول النبضات العصبية أو كمية الدم اللازمة لإحداث نشاط بالأعضاء التناسلية، ويسبب ضعفاً جنسياً».
ويستكمل د. حامد: «مع عدم ضبط نسبة السكر عند المرأة، يكون التأثير ضاراً جداً على الحالة الجنسية، حيث يؤدى إلى حدوث التهابات متكررة فى مجرى البول، وفى العضو التناسلى، مما يؤدى إلى حدوث ألم شديد أثناء العلاقة الزوجية، وفقدان كامل لحالة اللذة، لأن التأثير يمتد أيضا للأعصاب والدورة الدموية بالعضو التناسلى لديها».
ويقدم د. حامد عدة نصائح لمرضى السكر، لتفادى حدوث أى أضرار بالعلاقة الجنسية:
- ضبط نسبة السكر بشكل مستمر لتستقر عند معدل 120:80 .
- عدم التدخين نهائياً سواء سجائر أو شيشة أو سيجار.
- عدم شرب الكحوليات والمواد المسكرة.
- الإكثار من تناول الخضروات والفواكه الطازجة كمصدر للفيتامينات.
- الذهاب لطبيب أمراض الذكورة عندما يشعر الرجل بضعف جنسى فى أى مرحلة من العلاقة الزوجية.
- ممارسة الرياضة البدنية حتى فى أقل صورها مثل المشى.
- اتباع قواعد النظافة الشخصية تجنباً لحدوث أى التهابات بالأعضاء التناسلية.
- تناول الأدوية التى يصفها الطبيب بشكل منتظم.
- فى حالات الضعف الجنسى الحاد، هناك تدخلات جراحية، حيث يتم تثبيت دعامات لتوسيع مجرى الدورة الدموية بأنسجة العضو التناسلى، وذلك لإعطائه القدرة على ممارسة العلاقة الزوجية.
«كلمة السر» فى حماية «القدم السكرى»
ضبط نسبة السكر فى الدم أهم ما يشغل مريض السكر، لأن إهماله يؤدى إلى التهابات مضاعفة فى الأعصاب بالأعضاء الطرفية، مما يسبب نقصاً فى درجة الإحساس بها، ويؤثر ذلك بالسلب على الشرايين والأوعية الدموية بالأطراف، فيحدث لها انسداد، وتعتبر قدم مريض السكر من أهم الأطراف الأكثر عرضة لحدوث جروح، لذا ينصح الأطباء بإبعاد القدم عن أى مسببات لحدوث التهابات قد تؤدى إلى جروح.
وفى هذا الإطار يقول الدكتور محمد حسنى، أستاذ جراحة الأوعية الدموية بطب قصر العينى: «يؤثر مرض السكر على أعضاء الإنسان، ويصيبها بالتهابات فى الأعصاب الطرفية، كما يضعف الدورة الدموية بها، لذا يجب ضبط نسبة السكر أولاً، والعناية الشديدة بقدم المريض، لأنه فى حالة إصابة مريض السكر بأى التهابات أو جروح، يصبح من السهل أن ينمو ميكروب، وينتشر فى الجسم سريعاً فى ظل ضعف الدورة الدموية المؤدية إلى الأطراف».
ويشدد د. حسنى على ضرورة العناية الجيدة بالجروح والالتهابات الطرفية، خصوصاً القدم، لأن إهمالها يسبب خطورة على حالة مريض السكر، ويكون عرضة لحدوث «غرغرينة» بقدمه قد تعرضه لإجراء عملية بتر للعضو الذى تم إهماله.
ويقدم د. حسنى عدة نصائح للحفاظ على قدم مريض السكر، ولوقايته من حدوث أى مضاعفات مرضية:
- لابد من ضبط نسبة السكر فى الدم.
- الابتعاد عن كل عوامل الخطورة التى تؤثر على الشرايين والأوعية الدموية.
- الابتعاد عن التدخين وشرب الكحوليات.
- ضبط حالة ضغط الدم بالجسم.
- الاعتناء بالقدم جيداً، وألا يسير مريض السكر «حافياً».
- الحرص أثناء قص الأظافر، حتى لا تحدث أى جروح بأصابع القدم.
- تجفيف القدم بعد غسلها، والحرص على تجفيف ما بين أصابع القدم جيداً، حتى لا تحدث التهابات فطرية.
- الكشف الذاتى يومياً على القدم، وفحص ما بين الأصابع، تحسباً لحدوث أى التهابات أو جروح غير محسوسة.
- لابد من ارتداء أحذية واسعة، وجلدها لين، ومقدمتها عريضة، حتى لا تتعرض القدم لإصابات.
- ممارسة رياضة المشى لتنشيط الدورة الدموية بالقدم.
- الحفاظ على الأكل الصحى وشرب سوائل كثيرة.
- فى حالة حدوث جرح أو التهابات يجب تنظيف، وتطهير مكان الجرح، بحرص شديد والذهاب للطبيب المعالج سريعاً.
- فى حالات الالتهابات الشديدة، والجروح الغائرة، هناك حلول علاجية بعمل أشعة باستخدام القسطرة التداخلية، وإجراء عمليات توسيع الشرايين وتركيب دعامات.