علق الباحث الأمريكي، آرون ديفيد ميلر، على جهود تقوم بها قوات عراقية وكردية وأخرى من الائتلاف الدولي الأمريكيّ القيادة لتحرير مدينة الموصل من قبضة تنظيم داعش الإرهابي.
ورأى ميلر- في مقاله بصحيفة «وول ستريت جورنال» أنه أيا ما كانت النتيجة على أرض المعركة، فإن تبعاتها لن تتضح إلا بعد مغادرة باراك أوباما منصبه في الرئاسة الأمريكية على أن تلك التبعات كفيلة بأن تحدد بدرجة كبيرة حجم الإرث الذي سيخلفه أوباما على صعيدَي داعش والعراق.
ونوه الكاتب عن أن جهود تحرير الموصل شهدت أقوى طموح عسكري زحفتْ إليه القوات العراقية منذ سقوط نظام صدام حسين.
وأكد ميلر أن استعادة الموصل ذات الأغلبية السُنية كفيل بأن يحمل أكثر من الأهمية الرمزية؛ ذلك أن حجم وأهمية الموصل في المنطقة مؤثرٌ بشكل كبير على استقرار الأوضاع في محافظة نينوى (التي تتبعها الموصل).
على الجانب الآخر، نبّه الكاتب إلى ما تمثله الموصل من أهمية وجودية لتنظيم داعش حيث حاول أن يؤسس ما يشبه الدولة وأن يحكم سكانها (الموصل) وأن يسيطر على أرضها على نحو صدم العالم أكثر مما انصدم من البربرية التي اتسم بها الدواعش.
وأكد ميلر أن إلحاق الهزيمة بـداعش في الموصل كفيل بأن يجرّد التنظيم مما ادّعاه لنفسه من قدرات على الإدارة والحُكم طالما ظلت عامل جذب لآلاف الشباب المُحبَطين حول العالم؛ ليبقى التنظيم بعد هزيمته في الموصل وإخراجه منها مجرد كيانٍ قذر جائعٍ للسلطة فاشلٍ في توفير الإدارة والرخاء للمقيمين على الأراضي التي يسيطر عليها.
وشددّ ميلر على أن عملية استعادة الموصل لن تكون سهلة، وكذا البقاء فيها وإدارة أمورها، وأن أصعب من هذا وذاك هو: توفير ظروف سياسية تكفل توافقا فيما بين مختلف أطيافها المشاركين الآن في العمليات العسكرية لتحرير المدينة... ونوّه الكاتب عن أن الموصل في الأساس هي ذات غالبية سُنيّة لكنها تضم كذلك أكرادا وشيعة ومسيحيين وتُرْكُمان.
وأكد كاتب المقال أن القلق بشأن «ما بعد» تحرير الموصل إنما يعني إطالة النظر لسنوات، وأن القضية في الموصل هي في الأصل تمثل المشكلة الأساسية في العراق والمتمثلة في: كيفية التوفيق بين حكومة شيعية في بغداد ومجتمع سُنّي غير آمن وطموحات كردية صوب حُكْم ذاتيّ إن لم يكن استقلالا؟ كذلك: كيف يمكن التوفيق بين كل ذلك في ظل تهافت إيران الشيعية على السيطرة على السياسة العراقية من جانب، ومحاولات تركيا دعْم نفوذها واحتواء الأكراد، من جانب آخر؟
ورأى ميلر أن المشهد بتلك المعطيات يتطلب استمرارًا في الوجود الأمريكي والإئتلاف الدولي طويلا بعد نهاية العمليات القتالية.
وأهم من ذلك كله، عنصر آخر طالما كان مفقودا، هو: إرادة وقدرة العراقيين على التسامي فوق خلافاتهم الطائفية والحزبية- إن أي أمل في استقرار العراق ونجاحه ودحر داعش هو معقود على هذه الإرادة وتلك القدرة من جانب العراقيين على التسامي فوق الخلافات ونبذ الطائفية.