x

عمرو الليثي الطريق إلى الله عمرو الليثي الخميس 20-10-2016 21:18


عن النبى فيما يرويه عن رب العزة: «يا عبادى إنى حرّمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا.. يا عبادى كلكم ضال إلا من هديته فاستهدونى أهدكم، يا عبادى كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعمونى أطعمكم، يا عبادى كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسونى أكسكم، يا عبادى إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفرونى أغفر لكم، يا عبادى إنكم لن تبلغوا ضرى فتضرونى ولن تبلغوا نفعى فتنفعونى، يا عبادى لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك فى ملكى شيئا، يا عبادى لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكى شيئا، يا عبادى لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا فى صعيد واحد فسألونى فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندى إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخل البحر، يا عبادى إنما هى أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه». رواه مسلم.

العطاء دائماً وأبداً من عند المولى عز وجل، فالله سبحانه وتعالى غنى عن العالمين، فالإيمان والتقوى وإقامة شريعة الله فى الحياة.. كل ذلك ثمرته للإنسان نفسه، فالله سبحانه وتعالى لا يناله شىء من إيمان العباد وتقواهم، بل إن حياة الإنسان لا تصلح إلا بهذا المنهج الربانى فى هذا الحديث القدسى، فنحن نسعى فى الحياة لنحاول أن ننال رضا المولى عز وجل، فالحياة طريق مؤقت نزرع فيه ما نود أن نحصده فى الآخرة، ويقول المولى عز وجل: «وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى» أى: المعاد يوم القيامة، ذكر ابن القيم، رَحِمَهُ اللهُ، فى كتاب «الفوائد»، تعليقاً جميلاً عَلَى قول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: (وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى) يقول فى معنى كلامه: «لا يوجد سبب من الأسباب مستقل بالتأثير، سواء كَانَ السبب خيراً أو شراً، إلا أن يكون المؤثر والفاعل هو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فكل سبب يستلزم وجود سبب آخر إِلى أن تنتهى أسباب الخير وأسباب الشر، وكل ما يقع فى الدنيا من خير أو شر، فالسبب وقوعه هو سبب آخر، والسبب الآخر سبب لآخر..

وهكذا تنتهى كلها إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ويا ليت كلا منا يعلم أنه يعامل الله سبحانه وتعالى وليس أحداً من البشر، فالله هو من يعلم سرّك وعلانيتك وهو ملجؤك وملاذك، فلنتقِ الله فى أعمالنا وأقوالنا وسرنا وعلانيتنا، ولنحاول أن نسعى بكل الطرق إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى، فنحن فى زمن كَثُر فيه الجدل وقَلَّ فيه العمل ولَهَتْنا الحياة عن الهدف الرئيسى من وجودنا، وكان الصحابة والسلف الصالح- رضوان الله عليهم- يحرصون على القيام بالعمل الصالح بنيّة خالصة لوجه الله فى السر، وحبب الرسول عليه الصلاة والسلام فى ذلك، فعن الزبير بن العوام وعبدالله بن عمر- رضى الله عنهم- عن الرسول، صلى الله عليه وسلم، قال: (من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح فليفعل). فنجد زين العابدين على بن الحسين- رحمه الله- كان يحمل أكياس الدقيق على ظهره بالليل ويوصلها إلى بيوت الأرامل والأيتام والفقراء، ولا يستعين بخادم ولا عبد، لئلا يطّلع عليه أحد، فلما مات وغسّلوه وجدوا على ظهره آثاراً سوداء، فقالوا: هذا ظهر حمّال وما علمناه اشتغل حمّالاً! وانقطع الطعام بموته عن مائة بيت كان يأتيهم طعامهم بالليل من مجهول، فعلموا أنه هو الذى كان يحمله إليهم وينفق عليهم.. وهكذا صام داوود بن أبى هند أربعين سنة لا يعلم به أهله ولا أحد، وكان خزازاً يحمل معه غداءه من عندهم، فيتصدق به فى الطريق ويرجع عشيا فيفطر، فيظن أهل السوق أنه قد أكل فى البيت ويظن أهله أنه قد أكل فى السوق. فالإخلاص فى العبادة مبدأ الصالحين، الإخلاص يُعظِّم العمل الصغير حتى يصبح كالجبل، كما أن الرياء يُحقر العمل الكبير حتى لا يزن عند الله هباء، قال تعالى: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً). فاللهم ارزقنا الإخلاص فى أعمالنا.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية