x

سيوة في عيد «السياحت»

الأربعاء 19-10-2016 22:25 | كتب: غادة غالب, سحر عربي |
أهالي الواحة يحتفلون بعيد السياحت أهالي الواحة يحتفلون بعيد السياحت تصوير : اخبار

في الليالى القمرية من شهر أكتوبر كل عام، تشهد واحة سيوة بمطروح احتفالات الأهالى بمهرجان السياحة الذي انطلقت فعالياته الأحد الماضى، بالتزامن مع بداية موسم حصاد البلح والزيتون، المحصولين الأساسيين بالواحة، ويتبعه المهرجان الدولى الثانى للتمور، الحدث الأكبر في الواحة، خلال الفترة من ٢٧ إلى ٢٩ من الشهر الجارى.

على مدار ٢٠٠ عام، اعتادت الطريقة المدنية الشاذلية الصوفية تنظيم احتفال سنوى كبير يسمى «السياحت» بالأمازيغية، لغة أهالى سيوة، وتعنى «انصهار الروح»، أو «السلام»، وجميعها أسماء مختلفة لمهرجان عيد السياحة، الذي يستمر ٣ أيام بمشاركة جميع أهالى الواحة والسائحين من مختلف دول العالم. ويقول الشيخ صلاح محمد ضافر المدنى، أحد أبناء شيخ الطريقة المدنية الصوفية، إن الاحتفال هدفه نشر البركة والسلام والخير، إذ يتسابق الجميع للتبرع بالمال أو بالطعام، ويجلس الشيوخ بجوار الأطفال دون أن يعرفوا بعضهم كنوع من الزهد والود.

وبدأت التحضيرات للمهرجان، السبت، بتجمع الطهاة من مختلف أنحاء سيوة تحت سفح جبل الدكرور لتجهيز العشرات من الأوانى الكبيرة تمهيدا لطهى لحم العجول التي تم ذبحها في الساحة المقابلة للجبل مساء اليوم نفسه، وعلى جانب آخر من الجبل، يتطوع شيوخ القبائل بنصب الخيم في المغارات لاستقبال الحضور طوال أيام المهرجان، لتناول الطعام سويا، والصلاة والذكر. وبعد صلاة العشاء، تعلو أصوات المكبرات بالتكبير والتهليل مرددة «الله أعلم»، وينتهى الطهاة من طهى اللحم، ثم يفرغونه في أوان كبيرة، ويهرولون بعدها إلى الساحة المقابلة للجبل لتبدأ حلقات الذكر أو الحضرة التي يشارك فيها جميع الحضور والطهاة. في جانب هادئ على بعد عدة أمتار من الجبل، نصبت خيمة كبيرة محهزة بالطعام والشراب، يجلس بها هلال الكيلانى، نجل شقيق شيخ قبيلة «الظنانين»، وأحد أهم رجال الأعمال في مطروح، يستقبل برفقة عدد من أقاربه سياح أجانب من جنسيات مختلفة.

ويقول إن هذا المهرجان يمثل حالة روحية خاصة له، موضحًا أنه يواظب على نصب الخيمة والحضور سنويًا منذ ١٢ عاما مهما كانت مشاغله. في أول أيام المهرجان، بدأ توافد سكان الواحة من الرجال والأطفال إلى ساحة الجبل منذ الثامنة صباحا، ولا تشارك السيدات في هذا المهرجان ويقتصر دورهن على إعداد خبز الفتة في المنزل. وبعد أذان الظهر، بدأ الرجال في نحر الذبائح لتحضير الفتة، ثم تجمع الحضور في الساحة للصلاة، وبعدها يتبادلون الأماكن حاملين الأطباق الممتلئة بالخبز ويلقون فوقه «المرق»، ثم ينزلون به إلى الساحة الخالية المقابلة للجبل، ويضعون أمام كل أسرة طبقا.

وبعد الانتهاء من تناول الطعام، يتم توزيع اللحم على المشاركين، وفقا للمبلغ الذي تبرع به كل منهم، ويجتمع الجميع لصلاة العصر، ليبدأ بعدها نحر الذبائح مرة أخرى، ثم إقامة مزاد علنى على أعضاء العجول تبدأ بالرأس في إحدى مغارات الجبل، ولا يحدث المزاد إلا في اليوم الأول فقط. وفى إحدى المغارات، يجلس الشيخ عبدالرحمن الدميرى، خادم الطريقة الصوفية المدنية الشاذلية، يستقبل الزوار والوافدين والمسؤولين الحكوميين، وبجواره عبدالله الشيخ محمد، شيخ قبيلة «الشهيبات»، ويقول إنه يحرص على حضور المهرجان طوال العام لأنه بمثابة فرصة للتقارب الروحى والفكرى، كما ينتهزه شيوخ القبائل لتصفية أي خلافات بين الأهالى.

تتكرر الطقوس على هذا النحو في اليومين الثانى والثالث، لكن الاختلاف يتمثل في أن الغداء يتضمن اللحم، وينتهى المهرجان في اليوم الرابع بمسيرة لأهالى القرية بالأعلام في السادسة صباحا يتخللها الذكر والدعاء إلى ميدان «سيدى سليمان» بجوار المسجد الكبير في سيوة لمسافة ٣ كيلومترات، ثم يتوجه الجميع لصلاة الظهر ويتصافحون ويتبادلون الدعوات والتهنئات معلنين انتهاء مراسم الاحتفال.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية