حدث ضخم، بحجم خبر سقوط 18 من أبطال القوات المسلحة، بين شهيد وجريح، لم يستحق من الزملاء فى الأهرام، ولا أخبار اليوم، ولا الجمهورية، أن يذكروا عنه صباح الأمس فى الصفحة الأولى!
كان الحدث الأهم، لدى الزملاء، هو حديث الرئيس مع رؤساء تحرير الصحف الثلاثة غيره ولا شىء.
وحديث الرئيس مهم دون شىء غير أن غياب خبر استشهاد وجرح أبطال من الجيش بهذا العدد عن الصفحات الأولى فى الجرائد الثلاثة، ثم حضوره فى الوقت نفسه من خلال مانشيتات، فى جميع الصحف الأخرى، مسألة خطيرة.
وخطورتها تظلّ فى جانب منها أننا نعرف أن قارئ الصحيفة عندنا يبدأ بالصفحة الأولى ثم يذهب إلى الأخيرة، لتنتهى علاقته بها فى الغالب، إلا إذا كان يتابع شيئاً بعينه فى داخلها!
والقارئ من هذه النوعية لصحف الدولة الثلاثة، سوف يفوته أن يعرف أن 18 من رجال قواتنا المسلحة الشجعان قد سقطوا غدراً، فى وسط سيناء!
وهؤلاء الذين سقطوا بين شهيد وجريح لم يكونوا يدافعون عن أنفسهم، لكنهم كانوا يدافعون عن حدود بلد وعن كيانه وكانوا يموتون، فى اللحظة التى تساقطوا فيها، يعيش سائر أبناء البلد، فكيف يذهبون بالطريقة التى ذهبوا بها عنا، ثم لا يكون عنهم حرف واحد فى صدر الصحف التى تملكها الدولة نفسها؟!
ثم إن الأخطر، أن مسلكاً كهذا، مع خبر أشاع الحزن بين جميع المصريين معناه أننا نكرس اعتياد الناس على ما يجرى فى سيناء.. وليس هناك ما هو أسوأ من أن نعتاد سقوط الرجال من بين أفراد جيشنا العظيم فى سيناء يوماً بعد يوم!
إن إذاعة خبر استشهاد 12 وإصابة 6 من قوة الجيش، إلى صفحة داخلية، مهما كانت مساحته فيها، معناه أيضاً أن الخبر لم يستوقف أحداً بالقدر الكافى ممن أزاحوه إلى صفحات الداخل، وأنه بالتالى، لم يستوقف أحداً من بين القراء!
إن الرئيس يقول فى حواره، إن المعركة مع الإرهاب مستمرة وطويلة، وهو كلام صحيح تماماً، غير أننا نريد أن ننتصر فيها، ولن يكون هذا ممكناً إلا إذا كان الشعب بكل قطاعاته سنداً لجيشنا فى معركة على الحدود، بكل ما تصل إليه كلمة المساندة من المعانى!
وإذا كانت المعركة هناك، على الحدود، من حيث مكانها الذى نراه، فهى بطبيعتها ممتدة إلى كل شبر داخل البلد، والنصر فيها لن يتاح كما نحب ونرضى، إلا إذا كان ما يحدث فى سيناء، واصلاً بكل صداه إلى وجدان كل مواطن!
الحرب على الإرهاب ليست حرب الجيش وحده، لأنها معركة شعب معه، سواء بسواء، لكن ما جرى مع خبر الأمس الحزين لا يقول ذلك بكل أسف!.. لا يقوله ولا حتى يشير إليه!