كشف رئيس تحرير صحيفة «الديار» اليومية اللبنانية، شارل أيوب، عن محاولة جهاز الاستخبارات الإسرائيلية «الموساد» تجنيده عن طريق عميله الجاسوس المصرى طارق عبدالرازق حسين، الذى جرى إلقاء القبض عليه وأحيل للمحاكمة، قبل أيام، بتهمة التجسس لصالح الموساد.
وقال أيوب، المعروف بعدائه لإسرائيل، فى تصريحات لموقع «العربية نت»، إن طارق اتصل به قبل 9 أشهر من خارج لبنان، ولم يعرض عليه 200 ألف دولار كما قال للمحققين المصريين، إنما أغراه بأشياء أخرى.
وذكر أيوب، الذى كان ضابط أمن فى وحدة للجيش اللبنانى سابقاً، أن طارق دعاه لإلقاء محاضرات فى مقاطعة مكاو الصينية وتايلاند وجنوب أفريقيا عن شؤون شرق أوسطية وأخبره بأنه اختاره الشخصية العربية الأولى للتحدث فى الخارج، وأن سفره سيكون فى الدرجة الأولى على متن أفضل الطائرات وسينزل فى أفضل الفنادق ومصاريفه كلها سيجرى دفعها ببطاقة ائتمانية سيزودوه بها حال وصوله إلى الخارج، لذلك ساوره الشك ورفض العرض، حسب قوله.
وأبدى رئيس التحرير استعداده للإدلاء بشهادته عن طارق عبدالرازق فى المحاكمة، وقال: «لو عرفت أنه من الموساد لاستدرجته إلى بيروت وأبلغت عنه فرع مكافحة التجسس فى لبنان، ولكانوا اعتقلوه طبعاً بعد التحقيق معه»، وقال إن الشكوك ساورته ودفعته لعدم السفر لكثرة ما بالغوا بإغرائه، وإلحاح طارق على دعوته.
وكان طارق عبدالرازق قال فى اعترافاته للمحققين المصريين، إنه تلقى تكليفاً من ضباط بالموساد للاتصال برئيس تحرير واحدة من كبريات الصحف اللبنانية المقربة من سورية وحزب الله، وإنه نفذ بالفعل هذا التكليف وعرض على رئيس التحرير أن ينتج له برنامجاً تليفزيونياً مقابل أتعاب تبلغ 200 ألف دولار، وأغراه بمزيد من المال وبرحلات سياحية إلى جنوب أفريقيا كمقدمة لإغرائه بالتجنيد، لكن أيوب نفى قصة الإغراء بالمبلغ المذكور.
ونشرت «العربية. نت» تفاصيل عملية تجنيد طارق وفق ما استقته من مصادرها مشيرة إلى أنه من عائلة فقيرة جداً وتعيش فى شقة مساحتها 60 متراً مربعاً، وكان والده موظفاً بسيطاً فى شركة لتعبئة المياه ثم بدأ يعمل فى شركة أمنية بعد تقاعده. ولطارق أخ يعمل مهندساً مدنياً وشقيقتان، إحداهما تعمل ممرضة فى أحد المستشفيات الحكومية بالقاهرة. كما سبق له العمل كمدرب رياضة «كونغ فو» بأحد الأندية «وتعاون مع الموساد فى محاولة للإضرار بالأمن القومى المصرى وعدد من الدول العربية، بينها سورية ولبنان»، حسبما ورد فى ملف التحقيقات. ونجح طارق فى تزويد الموساد بمعلومات عن عدد من كبار الموظفين المصريين العاملين بشركات الهاتف النقال الثلاث الكبرى فى مصر، وقام بخطوات أولية لترشيح وانتقاء عدد منهم للعمل ضمن شبكة تجسس للموساد تسعى للسيطرة على قطاع الاتصالات المصرى، بحسب العربية.
وسافر إلى الصين فى منتصف تسعينيات القرن الماضى لتعلم الكونغ فو، ثم عاد ليلتحق بالعمل كمدرب للعبة ونجح فى الالتحاق بالعمل بناد مصرى قبل أن يمر بضائقة مالية اضطرته فى أواخر 2006 للسفر ثانية إلى الصين بحثا عن عمل، وبعد فشله المتكرر وجد إعلانا نشره موقع مموه للموساد على الإنترنت يطلب فيه تجنيد عملاء من الشرق الأوسط يجيدون واحدة من اللغتين العربية أو الفارسية. وقال إنه بعث برسالة عبر البريد الإلكترونى لموقع الموساد أخبرهم فيها أنه مصرى يقيم فى الصين ويبحث عن عمل، ودوّن بياناته، وترك رقم هاتفه. وفى أغسطس 2007 تلقى اتصالا من عنصر بالموساد فى شرق آسيا، اسمه الحركى جوزيف ديمور، وبعد استجواب تليفونى قصير معه قرر ديمور مقابلته فى مقر السفارة الإسرائيلية بالهند، ثم كلفه بالسفر إلى تايلاند، وهناك تردد مرات عدة على مقر السفارة الإسرائيلية ببانكوك، حيث تعرف على عنصر آخر بالموساد، وهوالمتهم الثانى بالقضية ويدعى ايدى موشيه، لكنه هارب من العدالة.
وتولى موشيه تدريب طارق على جمع المعلومات بطرق سرية، وعلمه مهارات التواصل الاجتماعى، واختراق مجتمعات النخبة فى مصر وبعض الدول العربية، وكيفية التراسل مع الموساد عبر عناوين سرية ومؤمّنة على شبكة الإنترنت.
ولم يكلف طارق الموساد الشىء الكثير، فلم يحصل من المخابرات الإسرائيلية سوى على 5 آلاف دولار صرفها على تأسيس شركة استيراد وتصدير، مقرها الصين، حيث كان له أيضا بريد إلكترونى فى هونج كونج باسم خالد شريف استخدمه فى تجنيد موظفين كبار بشركات للاتصالات بعدد من الدول العربية، فى مقدمتها مصر وسورية ولبنان، وكل ما حصل عليه من مكافآت الموساد لم يزد طوال 3 سنوات على 37 ألف دولار.