x

محمد نور فرحات: التقارير الأمنية أبعدتنى عن المناصب.. والشباب رشحونى لوزارة العدل

الأربعاء 10-08-2011 15:38 | كتب: سحر المليجي |
تصوير : حافظ دياب

قال الدكتور محمد نور فرحات إن مصر مرت ببركان خرج فيه الرث والنفيس، لكنه سيترك أرضاً خصبة، وتوقع «فرحات» خلال حواره مع «المصرى اليوم» أن تنتقل مصر خلال السنوات الخمس المقبلة إلى حال أفضل كثيراً مما عاشته.. وتطرق إلى العديد من القضايا والذكريات الشخصية التى تكشف الجانب الآخر من حياة رجل القانون، وإلى نص الحوار:

من هو الدكتور محمد نور فرحات الذى لا نعرفه؟

- أنا الابن الثانى لأسرة قاهرية مكونة من 5 أبناء، يعمل 4 منهم بالقانون والمحاماة، وزوجتى الإذاعية هالة البيلى التى عملت رئيساً للبرنامج العام، ووالد لابنين، هما: «على، الحاصل على ماجستير فى الحاسب الآلى، وعمر الحاصل على ماجستير الحقوق من جامعة هارفارد».

أما على نطاق الحياة المهنية فأنا الدكتور محمد نور فرحات، أستاذ فلسفة القانون بكلية الحقوق جامعة الزقازيق، وكبير مستشارى الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فى عدد من دول غرب آسيا، مثل: «منغوليا وأوزبكستان»، ولى أنشطة متعددة مع منظمات المجتمع المدنى، وعلى المستوى السياسى أشغل عضوية مجلس أمناء الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى.

أنت من أسرة قانونية، هل كان حلمك أن تصبح قانونياً أم أنه كان مطلباً أسرياً؟

- قبل التحاقى بكلية الحقوق، كنت أفكر فى دراسة الفلسفة، أو العمل فى الصحافة، وهو الأمر الذى حاولت أن أجمعه بعد ذلك فى حياتى المهنية، حيث تخصصت فى «فلسفة القانون»، كما أننى أكتب فى الصحف المصرية عن القضايا العامة التى تشغل بالى وتشغل الرأى العام.

و«فلسفة القانون» هو التخصص القانونى الوحيد الذى يتيح لصاحبه أن ينظر إلى النظم القانونية نظرة نقدية، ويجرى تقييماً اجتماعياً وأخلاقياً للقوانين النافذة، حيث يتعامل رجال القانون مع النص سواء نص قانونى أو لغوى أو دينى باعتباره نصاً لا يجوز أن يكون موضعاً للتقييم، على عكس فلسفة القانون التى تسمح لصاحبها بأن يجرى تحليلاً اجتماعياً وسياسياً وأخلاقياً للقانون.

إلى أى درجة تعتبر نفسك ناجحاً؟

- أنا أستاذ جامعى أقوم بتعليم الأجيال القانون، والحكم على نجاحى يعود لطلابى، وأعتقد أنى أستاذ جامعى ناجح، ومعيار نجاحى أنه لم يتم اختيارى فى العصر السابق فى أى وظيفة قيادية، لأن تقارير أجهزة أمن الدولة كانت تأتى فى غير صالحى رغم شهادة طلابى لى.

ما النصيحة التى تقدمها لطلابك وتحثهم على تنفيذها؟

- الصدق، لأن الطالب والأستاذ والمحامى والقاضى إذا كانوا كاذبين من شأنهم أن يدمروا المجتمع قبل أن يدمروا المهنة، لأن استقامة المجتمعات لا تقوم إلا بالتعامل مع الحقيقة.

لكن يرى الكثيرون أن مهمة المحامى الدفاع عن موكله وليس قول الحقيقة؟

- مهنة المحاماة أساء إليها المحامون أنفسهم، فهى مهنة نصرة الحق ومساعدة القضاة للوصول إلى الحقيقة، من خلال تفسير القانون وإنزاله على الواقع، وفهم القضية وتحليلها، لكن نتيجة لتردى القيم تحولت إلى مهنة للتحايل على إظهار الحق فى سبيل نصرة الظالم، وقد ساعد على ذلك تخلى نقابة المحامين عن دورها فى الارتقاء بالمهنة، حالها فى ذلك كباقى النقابات المهنية فى مصر.

ما مواصفات المحامى الناجح فى رأيك؟

- النجاح كلمة لها العديد من المعانى، فإذا كان المقصود بها الكسب المادى المتجرد من أى قيم أخلاقية، فيكفيه أن يكون ماهراً فى الفرع القانونى الذى سيتخصص فيه وأن يجيد حيلاً وألاعيب تمكن موكله من الفوز فى منازعته القضائية بصرف النظر عما إذا كان على حق أم على باطل، وإذا كان الحديث النبوى الشريف يقول «قاض فى الجنة وقاضيان فى النار»، فأظن أن بين المحامين محامياً فى الجنة وعشرة فى النار، لأن مهنة المحاماة لا يلتفت أصحابها حالياً إلى أهمية نصرة الحق، وإنما يلتفتون إلى كسب الدعوى أيا كانت تلك الدعوى.

أما بالنسبة للنجاح المرتبط بالالتزام بأخلاقيات المحاماة، فإنه يكون من خلال الالتزام بمعايير وأخلاقيات المهنة، التى تجعل من المحامى عوناً للقاضى فى إظهار الحق، ولا يقبل منه أن يكذب أو يضلل العدالة أو ينصر ظالماً أو يقضى على مظلوم، وقد كانت المحاماة منذ بدايتها حتى نهاية السبعينيات من هذا القرن تسير وفقاً لهذا الوضع، إلا أنه أصابها التدهور والتحلل من القيم خلال العقود الثلاثة الماضية.

التدريس لطلاب القانون، ما مدى صعوبته؟

- ليس لدى أى مشكلة فى التعامل مع الطلبة لأن لدىّ موهبة نقل ما أفكر فيه على وجه الدقة للطلاب، وهى موهبة زادها النظام التعليمى الحكومى الذى درسناه، حيث تعلمنا أصول التفكير السليم، وهو ما يفتقده الطلبة حالياً، حيث أجد أن اللغة كثيراً ما تخذلهم فى التعبير عمايجول بخواطرهم نتيجة سوء نظام التعليم، على عكس جيلى الذى تربى على القراءة للمنفلوطى والعقاد ونجيب محفوظ ويوسف إدريس، أما الآن فالكتب شىء ثانوى فى حياة الناس.

ماذا عن المشكلات التى واجهتك خلال مشوار حياتك؟

- لا أستطيع أن أقول إننى قابلت مشكلات بدون حلول، فالمشاكل تتواجد بسبب المناخ السيئ الذى يحيط بالجامعة اليوم، والشىء غير المريح نفسياً أو علمياً، أن يكون الأستاذ الجامعى محاطاً بجو أكاديمى، تكون فيه قيمة الكفاءة العلمية فى نهاية سلم الأولويات التى تراعيها الإدارة الجامعية أو المجتمع الجامعى، ليتحول بذلك «القابض على القيم والعلم والاستقامة كالقابض على الجمر»، لكن هذا المناخ لا يقف عند الجامعة وإنما كان منتشراً فى كل مناحى الحياة، ولهذا قامت ثورة 25 يناير، وأرجو الله أن يمد فى عمرى حتى أشهد استقامة الأمور فى الجامعة وغير الجامعة.

كثير من الجدل أثير مؤخراً حول ترشيحك لمنصب وزير العدل، ما سبب ذلك؟

- رشحنى الشباب فى الشارع لهذا المنصب، لكننى وصلت إلى سن لا أطمع فيها للوصول إلى موقع تنفيذى، وأشعر بالرضا عندما أكتب مقالاً أعبر فيه عن آرائى، كما أننى لم أفكر طوال عمرى فى الوصول إلى أى مناصب، لأن طموحى كان علمياً وفكرياً.

مع انتشار الشائعات حول توليك هذا المنصب، هل تغير تعامل الآخرين معك؟

- المحيطون بى من عائلتى وأصدقائى وطلابى لن يفرق معهم أن أكون وزيراً، أو رئيساً للوزراء، فهم يقدروننى حق قدرى.

لسنوات طويلة جُمدت عضويتك فى حزب التجمع، ومؤخراً أصبحت عضوا فى الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى.. ما السبب؟

- لقد انضممت إلى حزب يعبر عن قناعاتى السياسية، وهو الأمر الذى أعادنى إلى الحياة الحزبية بعد تجميدى لعضويتى بحزب التجمع الذى التحقت به عام 1985، حيث رأيت أنه يجمع بين الديمقراطية والدفاع عن حقوق الفقراء، من توفير مسكن وغذاء، وصولاً إلى حقوقهم السياسية والحرية، وشعرت بأن توجهات الحزب تتناسب مع تاريخى السياسى كله والمجموعة القائمة عليه من أشرف رجالات مصر الذين لم يعرف عنهم أنهم خانوا مبادئهم أو تآمروا ضد مصلحة الشعب.

كيف ترى الثورة الآن؟

- فى الوقت الحالى، تشبه مصر البركان الذى انفجر حديثاً، فخرجت منه المعادن الثمينة والحمم وكتل النيران، إلا أن التربة التى يخلقها البركان عندما يهدأ تكون من أكثر الترب خصوبة وصلاحية للزراعة، وأتوقع أن تكون مصر فى غضون سنوات قليلة نموذجاً مبهراً فى التقدم الإنسانى الحضارى والعلمى فى ظل مناخ من الحرية والديمقراطية.

سافرت إلى العديد من الدول، ما الدولة التى تتمنى أن تصبح مصر شبيهة لها فى المستقبل؟

- لقد زرت كل دول العالم ما عدا دول أمريكا اللاتينية، فى إطار زياراتى المهنية، بدءاً من أوروبا وإنجلترا وفرنسا وسويسرا وكندا وأمريكا والدول العربية كلها، كان آخرها الجزائر- التى سافرت إليها متعمداً بعد أزمة الكرة رغم تخوف الكثيرين- ودول المالديف فى جزر المحيط الهادى حيث كنت موفداً من الأمم المتحدة لتحديث النظام الدستورى، وأتمنى أن تكون مصر مثل اليابان، فعلى الرغم من أن تلك الدولة لا تمتلك الكثير من الموارد الطبيعية التى ينهض بها الاقتصاد، فإنها استطاعت أن تستثمر البشر، بنظامها التعليمى عالى الكفاءة، وهو ما أتمنى أن يحدث فى مصر.

ما أوجه الاختلاف بين رمضان هذا العام والأعوام السابقة؟

- رمضان أجمل شهور العام، فهو شهر للاستجمام الروحى، وأفضل فيه الابتعاد عن القاهرة بزحامها وأضوائها وضوضائها إلى الساحل الشمالى، لكن هذا العام مختلف، بسبب أحداث الثورة، حتى إننى لا أستطيع أن أبتعد عن القاهرة أكثر من يومين أو ثلاثة، بسبب مشاركتى فى الندوات والاجتماعات السياسية التى تعقد على مدار الشهر.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية