x

«678».. عندما يقع صانع الفيلم في كل الفخاخ الفنية الممكنة

الثلاثاء 21-12-2010 20:40 | كتب: أحمد الهواري |
تصوير : اخبار

عندما يقرر المخرج إخراج فيلم عن قضية اجتماعية مثارة بشدة، فإنه يواجه العديد من التحديات المتعلقة بصناعة الفيلم، مثل المباشرة ومحاولة تقديم حلول للمشكلة عن طريق التلقين، وضبط إيقاع الفيلم للابتعاد عن الملل، وأن تأتي أحداث الفيلم متناسبة مع واقع المشكلة التي يتناولها الفيلم في «حبكة» جيدة، لكن يبدو أن محمد دياب، مؤلف ومخرج فيلم «678»، تناسى تلك المشكلات فوقع في فخاخها جميعًا.

يتناول فيلم «678» قضية التحرش الجنسي، التي علت نبرتها في مصر في السنوات القليلة الماضية، من خلال 3 شخصيات نسائية رئيسية، تعرضت اثنتان منهن إلى حادثتي تحرش، شكلتا نقطة تحول في حياة كل منهما، بينما تتعرض الشخصية الثالثة إلى حوادث تحرش يومية تجلعها تمتنع عن ممارسة العلاقة الجنسية مع زوجها.

ويدور في فلك الشخصيات النسائية أزواج وخُطَّاب ومجتمع يمارس دوره المعتاد في محاولة إسكات الأصوات العالية التي تتحدث عن التحرش.

امتلأ الفيلم بثغرات في السيناريو متعلقة بواقعية الأفكار المرتبطة بالمشكلة، فتقدم «بشرى»، على سبيل المثال، شخصية سيدة بسيطة تعمل في الشهر العقاري ومتزوجة من فرد أمن يعمل في إحدى الشركات الخاصة، قام بدوره «باسم سمرة»، ويعيش الزوجان حياة بسيطة تمنعهما من سداد المصروفات الدراسية لابن وابنة في المرحلة الابتدائية. هذه الزوجة نراها في الفيلم تقبض مرتبًا لا يزيد عن 300 جنيه بعد الخصم، ولكنها تركب «التاكسي» ذهابًا وإيابًا من المنزل للعمل بعشرة جنيهات في المرة الواحدة، مما يعني أنها تصرف ضعف مرتبها في الشهر للهروب من حوادث التحرش في الأوتوبيسات، التي تدفعها إلى هجر فراش الزوجية.

البناء الدرامي لأزمة شخصية الزوجة الفقيرة تجاهلَ كونها تعيش في مناطق شعبية، ومن المنطقي أنها تركب المواصلات العامة، منذ نعومة أظافرها، والتي تحفل بحوادث التحرش منذ وجودها تقريبًا، إذًا فتعرضها للتحرش ليس جديدًا عليها بصورة تدفعها إلى النظر إلى الجنس كشيء يجب الهروب منه، وربما كان هذا يصلح للشخصيتين الأخريين باعتبارهما لم يتعرضا للتحرش من قبل.

كما أن السيناريو والإخراج لم يوضحا لنا هل هذا الهجر دافعه الأساسي عقاب الذكور في شخص زوجها أم أنه غير رؤيتها للجنس باعتباره شيئًا دونيًّا؟

تبدأ هذه الزوجة في إصابة المتحرشين بها في «أماكن حساسة» من أجسادهم بأداة حادة وهو ما يستدعي تدخل الشرطة للبحث عن الجاني بعد ثاني حادث، وهنا تظهر شخصية ظابط المباحث، ماجد الكدواني، فيضيف إلى الفيلم مرحًا مرتبطًا بظهوره الشخصي، لكنه يزيد من رتابة إيقاع الفيلم حين يعيدنا خطه الدرامي مع زوجته إلى ميلودراما الأربعينيات، وتحديدًا بعد وفاتها واكتشافه أن المولود أنثى، على الرغم من أن أشعة السونار كشفت أنه ذكر، وهى الحالة النادرة، حيث يحدث العكس في الواقع.

كما جاء أداؤه في التحقيقات في إطار الفانتازيا البدائية، حيث يعود إلى مكان أول واقعة، غير المعلنة، ويكتشف أن الجانية محجبة من خلال عثوره على «دبوس طرحة» في مكان الحادث.

مخرج الفيلم، الذي درس الإخراج في الولايات المتحدة، لم يستطع التحكم في إيقاع الفيلم، الذي جاء بطيئًا ومملا بشكل قام فيه الجمهور في قاعة السينما باللعب على أجهزة المحمول والتباطؤ في العودة إلى القاعة بعد الاستراحة، التي استعجلوها طوال مدة عرض الجزء الأول، على الرغم من تنبيه الحارس بأن وقت الاستراحة انتهى.

ووقع المخرج أيضًا في فخ «المباشرة» في الكثير من مواضع الفيلم، منها المشهد، الذي تشرح فيه الزوجة للبطلتين الأخريين سلوك المتحرش والاضطراب، الذي يقع فيه، والخوف من كشف أفعاله، والذي تحوَّل إلى «فخ مزدوج» نظرًا لأن المتحدثة نفسها تعرضت لأنواع أخرى من التحرش في الشارع لم يكن المتحرش فيها، الضحية الأولى غير المعلنة، مصابًا بالفزع أو القلق وإنما كان يمشي وراءها في الشارع بكل ثقة ويمد يده على أجزاء من جسدها.

وفي مشهد آخر، ارتبطت فيه المباشرة بوعظ ديني، قامت «بُشرى» بتوجيه خطاب للبطلتين، والمشاهدين معها، عن عدم إحساس الفتاة المحجبة بالذنب، بينما تشعر زميلتاها بالذنب؛ لأنهما غير محجبات ومتبرجات.

وفي رد فعل مباشر على هذه «الخطبة»، قامت إحدى البطلتين، التي قامت بدورها نيللي كريم، بقص شعرها بيديها وارتداء ملابس فضفاضة مبالغ فيها، على الرغم من أنها لم تكن ترتدي ملابس عارية طوال الفيلم.

لعل هذه الفخاخ كانت الأسباب وراء عدم فوز الفيلم بجوائز في مهرجان دبي السينمائي، بعيدًا عن جوائز التمثيل، التي حصل ماجد الكدواني فيها، على جائزة أفضل ممثل، وحصلت بشرى على جائزة أفضل ممثلة في مسابقة «المهر العربي».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية