سيطرت الاتهامات المتبادلة والتراشق اللفظى والعبارات القاسية على أول مناظرة بين المرشحين للانتخابات الرئاسية الأمريكية، الديمقراطية هيلارى كلينتون، والجمهورى دونالد ترامب، وعبر المرشحان عن وجهات نظر متباينة حول القضايا الاقتصادية الداخلية، والهجرة، وقضايا السياسة الخارجية، وأهمها محاربة «داعش» والعلاقة مع الحلفاء، واتهم الملياردير الجمهورى منافسته بأن سياستها خلقت الفوضى في الشرق الأوسط، وتمكنت هيلارى من توجيه دفة المبارزة لصالحها ببدايتها الهادئة وردودها حول اتهامات منافسها، ومقاطعته لها، ووضعه في موقف الدفاع عن نفسه، إلا أن أيا من المرشحين لم يخسر كثيرا في استطلاعات الرأى التي جاءت متباينة بعد المناظرة، والتى انحاز بعضها لهيلارى والآخر لترامب، إلا أن أيا من المتنافسين لم يتمكن من تقديم خطة تفصيلية لمواجهة أزمات الولايات المتحدة وتحدياتها الخارجية والداخلية، ولم ينجحا في جذب الناخبين المترددين، بما يجعل المناظرتين المقبلتين أكثر حسما في تعزيز دفة أحدهما على حساب الآخر.
طغت قضايا السياسية الخارجية الأمريكية على المناظرة الرئاسية الأولى، مثلما استحوذت على فترة الحملات الانتخابية، واستطاعت المرشحة الديمقراطية، هيلارى كلينتون، استغلال خبرتها كوزيرة سابقة للخارجية، في استعراض رؤيتها بشكل أوضح من ترامب، والتأكيد على أنها لن تتخلى عن حلفاء بلادها، وأكدت قدرتها على وقف تهديدات «داعش» بقتل زعيمه أبوبكر البغدادى مثلما حدث مع زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، وأوضحت أن تصريحات ترامب حول طريقة تعامله مع عدد كبير من الدول لا يمكن أن تكون قابلة للتطبيق، وتمحور الخلاف بين المرشحين حول فكرة قيام واشنطن بدور «شرطى العالم»، وعلاقتها بالدول الأخرى خاصة بحلفائها في منطقة الشرق الأوسط، وخصومها مثل إيران وروسيا.
وبينما جدد ترامب دعوته بأن بلاده يجب عليها إعادة النظر في تحالفاتها مع دول العالم، بما فيها بلدان الشرق الأوسط، قال: «لا يمكننا أن نكون شرطى العالم، لا يمكننا أن نحمى دولا لا تدفع لنا ما نحتاج إليه»، وطالب بأن يدفع حلفاء واشنطن مقابلا لحمايتهم، وقال إن من حق بلاده أن تحصل على مساعدات هذه الدول لمواجهة أزمتها الاقتصادية، وقال: «أريد مساعدة كل حلفائنا نحن أنفقنا 6 تريليونات دولار في الشرق الأوسط، فيما كان بإمكاننا إعادة بناء بلدنا»، واتهم «كلينتون» وحزبها الديمقراطى بأنهم يبلغون أعداء واشنطن بجميع مخططاتهم، قائلا «إن هذا هو سبب عجز الولايات المتحدة عن القضاء على (داعش)، واتهم ترامب، إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما، وهيلارى كلينتون بترك الشرق الأوسط «فى حالة فوضى» وحمل الإدارة مسؤولية ظهور التنظيم، حيث خلفت فراغا بالطريقة التي سحب بها القوات الأمريكية من العراق، ما أدى إلى ظهوره، وقال: «لو فازت كلينتون بالرئاسة فإنها لن تقضى على التنظيم»، وخاطب «كلينتون» قائلا: «كنتى هناك عندما كان التنظيم طفلا، اليوم هو موجود في أكثر من 30 بلدا وأنت ستوقفينه؟ لا أعتقد ذلك»، وأضاف: «إن التنظيم يهزمنا في معركتنا على الإنترنت»، واعتبر ترامب أن النفط في العراق وليبيا مكن (داعش) من تحقيق دخل مالى كبير مول هجماته، وأقترح أن يذهب حلف «الناتو» إلى الشرق الأوسط لقتال التنظيم، وأشار إلى أن الحلف يستحق الإشادة لتركيز الموارد على مكافحة الإرهاب، ورغم أنه اتهم الحلف بعدم التركيز على الإرهاب في وقت سابق.
وفى المقابل، ردت «كلينتون» مذكرة بأن ترامب دعم الحرب على العراق، وأضافت: «دعم ما فعلناه في ليبيا بعدما كان يتعامل مع الزعيم معمر القذافى في النواحى الاقتصادية»، ولكن ترامب أنكر أنه من مؤيدى الغزو، وقال إن هذا «كلام فارغ»، وقالت إن واشنطن تتقدم على «داعش»، وتوقعت أن يتم القضاء على التنظيم خلال سنة، كأولوية قصوى لها، وذكرت أنها شاركت في القضاء على قيادات «القاعدة»، وأكدت أن ترامب ليست لديه خطة لمواجهة التنظيم، وقالت إنها ستتعامل مع كل الدول على حسب السياسة التي تختارها لشكل العلاقات بينها وبين واشنطن، وتابعت أن الرئيس القادم يجب أن يعمل مع الدول العربية والإسلامية، وليس العمل على عزلهم واستبعادهم، وأضافت أن تصريحات ترامب المعادية للدول الإسلامية ليست طريقة صحيحة للحديث مع حلفائنا، وذكرت تصريحاته بشأن منع المسلمين.
من ناحية أخرى، جدد الاتفاق النووى بين إيران والغرب الخلاف بين المرشحين، واعتبرت «كلينتون» أن الاتفاق «يظهر قوتها الدبلوماسية»، وأن واشنطن أجبرت طهران على الجلوس على طاولة المفاوضات، وأكدت احترمها الاتفاق، ومن جانبه، أكد ترامب مجددا رفضه للاتفاق، وأكد أنه كان صفقة خاطئة لأن طهران كادت تختنق بالعقوبات، وأن الاتفاق سيجعلها تمتلك السلاح النووى خلال 10 سنوات وسيؤدى إلى حرب نووية.