«مبارك خدعنا طوال 30 عاما.. والإعلام غيب المواطنين ببرامج تخدم النظام أو تسهم فى سطحية وعى المتفرج».. هكذا بدا المشهد بعد سقوط حكم مبارك.. وهو المشهد الذى ظن كثيرون معه أن الإعلام سيتخلص حقا من المواد الإعلامية التى لا ترقى بالمشاهد ووعيه وثقافته، لكن مع انطلاق الماراثون الرمضانى الساخن هذا العام، وجد المشاهد نفسه أمام حصار كم كبير من البرامج، كثير منها يغرقه فى السياسة وأوجاع المشاكل التى نعانى منها فى ظل اضطراب الأوضاع حاليا، وبعضها لايزال يواصل أساليب الفضائح والتجريح فى الآخرين بدعوى كشف المستور، والأكثر منها يطارده بالمقالب التى يقع خلالها المتفرج ضحية، علينا أن نضحك «معه عليه» طالما أعطى جواز عرض الحلقة بالجملة الشهيرة «تحب تذيع.. قول ذيع»!
ورغم أن المتفرج غالبا ما يستشعر أن هذه المقالب مفبركة، فإنه يتفاعل مع هذه النوعية من البرامج التى ظن كثيرون أنها ستختفى بعد ثورة يناير وما فجرته من وعى على جميع المستويات وليس سياسيا فقط، وكأن الجمهور قد أدمن الضحك عليه فى كل شىء.
وتنوعت برامج المقالب بين تلك التى تدبر للمواطنين البسطاء محدودى الثقافة مستغلة عدم خبرتهم وسذاجتهم مثل «كاستنج وبس»، و«دسطور يا أسيادنا» و«إوعى وشك» و«إدينى عقلك» و«زى العسل»، وبين التى يدبرها الفنانون لزملائهم مثل «مكنش يومك» و«تيجى أقولك» لحسين الإمام، و«هكشن» لحجاج عبدالعظيم و«رامز قلب الأسد» لرامز جلال.
دكتور صفوت العالم، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، يرى أن مثل هذه البرامج أصبح أقرب إلى الكلاسيكية والاعتياد لدى المتفرج، إضافة إلى أن تكلفتها الإنتاجية ليست كبيرة، إلا أن حجم التسويق لها يكون كبيرا جدا، مع ازدياد أعداد القنوات الفضائية وتنوعها واحتياجها لمثل هذه المواد البرامجية لملء خريطتها الرمضانية، وبالتالى يسوق البرنامج لنحو 20 قناة مثلا، كما أن هذه البرامج لا ترتبط بفترة زمنية معينة، ما يسهل إعادة بيعها وتسويقها بعد رمضان، باعتبارها مادة خفيفة ليست مرتبطة بمنهج معين، ومن المتاح تسويقها لقناة خليجية أو لبنانية، وهكذا، كما أنها جالبة للإعلانات على أى قناة، ودائما ما تحظى بأوقات العرض المميزة بسبب هذه القدرة على جذب المعلنين، ولقد أصبح هناك محترفون لإنتاج هذه البرامج، وقد يحدث إعادة تدوير للأفكار، فبعضها عبارة عن أفكار قديمة يجرى تغيير أساليبها.
وأضاف «العالم»: ليس بالضرورة أن يصاحب الأحداث السياسية الكبيرة وعى وفهم دقيق لدى الجميع، لأن الجمهور غير متجانس،وهناك قطاع يزداد وعيه، وآخر يحتاج لما يخفف الظروف التى نجمت بعد الثورة واضطرابات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وفى النهاية، كل نوعية من البرامج تجد جمهورها الذى يهتم بها ويشاهدها.