x

حلمي النمنم درس الإرهاب حلمي النمنم الثلاثاء 20-09-2016 21:50


مرت ذكرى الحادى عشر من سبتمبر، عقد ونصف العقد على تلك العملية الإرهابية الكبرى، التى مازالت نتائجها تترى، فى منطقة الشرق الأوسط كلها، ويبدو أنه لا أحد يتعلم من التاريخ، أو يستفيد من تجاربه وخبراته، يستوى فى ذلك الغنى والفقير.. البلاد المتقدمة وغير المتقدمة، فالإنسان لديه ولع أن يدخل التجربة مجدداً، كل مرة متجاهلاً ما مضى، وهذا ما نراه فى سوريا الآن، حيث يتكرر مشهد الحرب الأفغانية منذ سنة 1979، ففى حمى الرغبة فى إلحاق الهزيمة بالاتحاد السوفيتى، وما يمثله من أفكار وأيديولوجيا ومواقف، جرى شحن المجاهدين بأعداد كبيرة، من عدد من البلدان العربية والإسلامية، وتم تسليحهم أمريكياً على أرفع مستوى، ولم ينتبه من وقف وراء هذه العملية، إلى أن الاتحاد السوفيتى كان يترنح، وكان يتهيأ للسقوط أو للتفكك تحت تأثير مشاكله وأزماته الخاصة والداخلية، دون اختلاق «فيتنام» خاصة به، كما تحدث مستشار الرئيس الأمريكى للأمن القومى وقتها، ولم يفكر أحد يومها فى مصير أولئك الذين تم شحنهم بأفكار التكفير وقتل المخالفين، والحاصل أن كل الذين شاركوا فى تلك العملية دفعوا الثمن، إذ استدار المجاهدون إليهم، وقاموا بعمليات إرهابية فى بلدانهم الأصلية، جرى ذلك فى الجزائر وفى مصر وفى المملكة العربية السعودية، وكانت ذروة المأساة فى عملية 11 سبتمبر 2011، حيث تم تدمير البرجين العملاقين بالولايات المتحدة الأمريكية، فى استخفاف وإهانة متعمدة للقوة العظمى الأولى فى العالم.

وبعد 11 سبتمبر بعقد كامل، بدأ المشهد يتكرر، وكانت هذه المرة فى «سوريا»، وبدلاً من السعى لهزيمة الاتحاد السوفيتى «الكافر والملحد»، صار الهدف الإطاحة بالرئيس السورى بشار الأسد، مرة لأنه ديكتاتور، ومرة لأنه شيعى وعلوى.. وهكذا؛ وكانت النتيجة بعد خمس سنوات، أن الرئيس بشار مازال فى موقعه، وصار وجوده برأى معظم الأطراف «ضرورة»، حتى وإن كانت مؤقتة، ولكن سوريا تتمزق، ويتشرد شعبها من أشقائنا السوريين، ولا أحد يتساءل ما مصيرنا مع أولئك الدواعش الذين تربوا أيديولوجياً وتم تدريبهم وتسليحهم لإبادة وحرق كل من يخالفهم.

والواضح أن هؤلاء الدواعش استوعبوا تجربة أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة، حين حصر نفسه فى جبال «تورا بورا» فى أفغانستان، أو قريباً جداً منها، لذا أمكن دكهم إلا قليلاً، والآن نجد الدواعش، انتشروا فى سوريا وفى العراق وفى ليبيا وفى اليمن، وحاولوا أن يؤسسوا ولاية فى شمال سيناء، لكن الجيش المصرى تصدى لهم وأجهض مخططهم.

ذات يوم سوف تنتهى الصراعات فى سوريا وفى ليبيا وبلاد المنطقة، حتى لو طال الزمن، الحرب الأهلية فى بيروت أستمرت 14 سنة، بالتأكيد لا نتمنى أن تستمر المأساة السورية وغيرها من مآسينا كل هذه السنوات، لكن لا أحد يسأل نفسه، ما مصير أولئك الدواعش، هل سيبقون فى تيه الصحراء يشعلون النيران فى بلادنا وديارنا، يمزقون الأوطان ويخربون المجتمعات، أم يتسللون ويعودون ثانية إلى بلادهم، ويشنون غارات إرهابية على بقية المجتمعات، سواء العربية أم الأوروبية؟!، نعرف أن أعداداً كبيرة منهم جاءوا من تونس ومن السعودية ومن مصر، ومن مختلف البلدان الأوروبية، هل يجلس العالم لينتظر 11 سبتمبر أخرى، فى أى مدينة بالعالم، وتتكرر المأساة.

قبل أن تنتهى الحرب فى سوريا وفى العراق، انتشرت خلايا الدواعش وذئابهم المنفردة فى بلادنا وفى أوروبا، فرنسا نموذجاً، يقومون بعمليات إرهابية.

المشكلة فى الدواعش أنهم يعتمدون على شبان وفتيات فى المراحل الأولى من العمر، كثير منهم قد يكونون دون العشرين، وهذا يعنى أن أمامهم سنوات طوالا من العمر، ولا مهنة لهم غير الإرهاب، هكذا تربوا وتدربوا وتكونوا، وتجربتنا أنه من النادر أن يقلع الإرهابى عن إرهابه، قد يتوب السارق ويقلع القاتل، أما الإرهابى الذى غُسلت دماغه، وعُبئت بأيديولوجيا القتل، فأمره مختلف، ونحن فى مصر أكثر من يعرف ذلك.

إننا نعيش حرباً عالمية أخرى، لكن رحاها هذه المرة تدور فى المنطقة العربية، وإذا كنا أمام حرب عالمية، فإن المواجهة يجب أن تكون كذلك، وهذا ما لم يتحقق إلى اليوم.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية