تفجرت أزمة فريدة من نوعها في انتخابات التجديد الثلثي لنادي القضاة (5 مقاعد من إجمالي 15 مقعدا)، قبل انطلاق الجولة «رسميا» الجمعة المقبل، واحتدمت المنافسة بين تيار «التغيير» المسيطر حاليا على مقاليد الأمور بالنادي برئاسة المستشار أحمد الزند، والتيار المنافس له والمسمى بـ«استقلال القضاء»، الذي يقوده حاليا المستشار هشام جنينة منافس الزند على رئاسة النادي في الانتخابات الأخيرة.
وقالت مصادر قضائية، إن الأزمة الأخيرة بدأت بإعلان المستشار محمود الشريف سكرتير عام النادي، «أقوى الأسماء على قائمة الزند» تنازله عن الانتخابات، في مقابل تنازل المستشار أشرف زهران عضو مجلس إدارة النادي «أبرز وجوه تيار الاستقلال» عنها.
وأوضحت أن الأزمة تتعلق بتخصيص شقق للقضاة في مشروع مدينة سكنية «كمبوند» في 6 أكتوبر، عددها نحو 1750 شقة في «كمبوند جاردن هيلز» بـأكتوبر، وهو المشروع الذي أعلن المستشار أحمد الزند رئيس النادي، في وقت سابق، نجاح قائمته في التعاقد مع الشركة مالكة المشروع على تخصيص شقق للقضاة من إجمالي 4000 شقة في الكمبوند بسعر المتر 1500 جنيه بدلا من 2500.
وقالت المصادر إن زهران والشريف أعلنا أمام القضاة خلال جولاتهما ولقاءاتهما الانتخابية في المحاكم والنيابات ونوادي الاقاليم مؤخرا، تقدمهما بتنازل مكتوب عن خوض الانتخابات، بل التلويح بالاستقالة من النادي، في حالة ثبوت عدم صحة كلام أيا منهما.
وأضافت أن الأزمة نشبت عندما شكك «زهران» في وعود القائمة المنافسة، وكلام «الشريف»، بخصوص الانتهاء من 40 عمارة على الأقل بالمشروع.
في المقابل، يؤكد «زهران» أن: «ما انتهى فعليا هو أربع عمارات فقط، وما يردده أعضاء القائمة المنافسة، وغريمه في الانتخابات محمود الشريف، دعاية انتخابية، وفرقعة قبل الانتخابات».
كما أشارت المصادر إلى أنه أمام ذلك الأمر تدخل المستشار محمد عصمت، رئيس نادي قضاة بني سويف، لمنع التراشق بين الطرفين، ومحاولتهما «تكذيب بعضهما البعض»، خصوصا أن الأزمة بدأت في ناديه عندما تناوب أعضاء القائمتين على التشكيك في الكلام الصادر منهما أثناء زيارتهما لناديه، والنوادي الأخرى، وتوصل الجميع إلى تشكيل لجنة «معاينة» من قضاة بارزين كالمستشار عصمت والمستشار عبد الستار إمام رئيس نادي المنوفية، للوقوف على حقيقة الأمر على الطبيعة، حيث ستتوجه إلى المشروع بعد غد «الاثنين».
وبرزت حدة المنافسة بين تيار «التغيير»، ومنافسه تيار «استقلال القضاء»، بوضوح على المقعد المخصص للمستشارين، الذي يتنافس عليه كل من المستشار الشريف، والمستشار زهران، نظرا لأنهما أكبر المرشحين سنا وخبرة داخل النادي ومجلس إدارته.
كما يتنافس على المقعد المخصص للقضاة ورؤساء المحاكم، من قائمة «التغيير» القاضي سامح السروجي، المدعوم من «الزند» ومجموعته، في مقابل القاضي حمدي ياسين المنتمي لتيار الاستقلال.
أما المقاعد الثلاثة للنيابة العامة، فيتنافس عليها وليد أمان وأحمد الغزاوى وسعيد محمد، المنتمون لقائمة تيار الاستقلال، ومن التيار الآخر، إيهاب همت وأحمد المنشاوي وصلاح الشاهد.
ويدخل عدد من القضاة وأعضاء النيابة الجولة بعيدا عن حسابات القائمتين، معتمدين فقط على جهودهم وعلاقاتهم بزملائهم داخل القضاء، ولعل أبرزهم المستشار حسام مكاوي رئيس المحكمة بمحكمة جنوب الجيزة، الذي يخوض المنافسة مرشحا على مقعد القضاة ورؤساء المحاكم، ويدخل «مكاوي» الانتخابات رافعا شعار«من الانحياز للقضاة إلى الانحياز للقضاء»، حيث يؤكد أن الاختيار حاليا يقوم على «الشللية» و«التحزب» لتيار أو فريق على حساب الآخر، ويخوض «مكاوي» المنافسة، معتمدا الترويج لقضية يعتبرها مصيرية وهي «تثقيف القاضي» باعتبارها مسألة محورية تسهم إلى حد كبير تشكيل وعي وحس القضاة وكيفية إصدارهم الأحكام القضائية، كما يخوض مرشحون آخرون المنافسة على مقاعد النيابة مثل أحمد المنشاوى وياسر فاروق وأكرم بكرى.
وخلال الأيام الماضية، واصل جميع المرشحين جولاتهم الانتخابية بعقد المؤتمرات وزيارة النيابات وأندية القضاة، في إطار حملاتهم الدعائية قبل ضربة البداية للانتخابات، وواصل مرشحو تيار «الاستقلال» جولاتهم في جميع المحافظات، والتي بدأوها بزيارة نادي قضاة بني سويف، ثم قاموا بجولات على النيابات وأندية القضاة بمحافظتي أسيوط وسوهاج، كما عقدوا مؤتمرا موسعا بنادي قضاة المنصورة، ومؤتمرا مماثلا في نادي قضاة طنطا.
فى المقابل يقود جولات التيار الآخر المستشار أحمد الزند رئيس النادي، حيث عقد المرشحون على قائمته مؤتمرا بنادي قضاة المنيا ونادي قضاة كفر الشيخ، كما عقدوا مؤتمرا انتخابيا في نادي قضاة طنطا، وعقدوا مؤتمرا في دمنهور، وكانت أهم ملامح الدعاية التي اعتمد عليها هي الاستمرار في خط النادي الحالي وهي التهدئة من أجل صالح القضاة وهيبة القضاء، وتحسين العلاقات مع جميع مؤسسات الدولة، إَضافة إلى تقديم خدمات ملموسة، غير أن مجلس «الزند» يدافع عن نفسه من أن الظروف الراهنة حالت دون تحقيق ما طرحه في برنامجه الانتخابي.
كما يطرح «تيار الاستقلال» نفسه خلال جولاتهم من خلال إظهار عيوب وقصور وأخطاء مجلس إدارة النادي الحالي، وتراجع الخدمات التي تقدم للأعضاء، وعدم تنفيذ البرنامج الانتخابي الذي طرحه الزند، سواء خدمي أو مهني، وربما أبرز اتهام يوجه لقائمة التغيير هو عدم النهوض بالدفاع عن استقلال القضاء، لذلك يسعى تيار الاستقلال إلى استغلال انتخابات «الجمعة» لاستعادة قوتهم داخل المجلس، بعد فقدانه منصب رئاسة النادي والأغلبية داخل المجلس خلال الانتخابات الماضية، ويعول التيار على سجل إنجازاته خلال سيطرته على المجلس لنحو 10 أعوام بقيادة المستشار زكريا عبدالعزيز، ويؤكدون أنهم حققوا خلالها إنجازات لم يفلح مجلس «الزند» في الحفاظ عليها.
وربما كانت قضية المستشار وليد الشافعي الذي تلخص أزمته الأخيرة وما حدث له القضية الكبرى وهي «التجاوزات بحق القضاة والإشراف القضائي على الانتخابات العامة»، ويعتبرها كثيرون كلمة السر في انتخابات النادي، حيث سعي كل من التيارين إلى دعم «الشافعى»، عضو مجلس إدارة بنى سويف، الذى كشف واقعة تزوير الانتخابات بدائرة البدرشين- ضد الاعتداء الذى وقع عليه من رئيس مباحث البدرشين أثناء إشرافه على انتخابات مجلس الشعب، وما تبعه من هجوم وصف بالـ «المسيء للهيئة القضائية» من الدكتورة مؤمنة كامل عضو الحزب الوطنى والفائزة بمقعد الكوتة فى الدائرة، تمثل فى اتهامات للشافعي تشكل سبا وقذفا فى حقه، انتهت بإحالتها إلى محكمة جنايات الجيزة.
وكانت قضية «الشافعي» سيطرت على زيارات مرشحي القائمتين، وكان أبرزها تقديم قضاة بني سويف مذكرة إلى المستشار الزند وقائمته أثناء زيارتهم لنادى قضاة بنى سويف يوم الجمعة قبل الماضي، وتحمل مطالبة رئيس الجمهورية بإلغاء الإشراف القضائى على الانتخابات، وهي القضية التي ستطرح بقوة خلال الجمعية العمومية التي تنعقد مباشرة عقب الانتخابات.. حيث سيكون أمام القضاة توجيه الرسالة.. «إما إشراف كامل أو إعفاء كامل».
وأخيرا، تبقى مسألة الانتخابات نفسها معلقة، في انتظار الحكم الذي سيصدر من دائرة رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة، خلال أيام، وهي الدعوى المقامة من 6 من القضاة، يطالبون فيها بإيقاف قرار مجلس إدارة النادى بفتح باب الترشيح لانتخابات التجديد الثلثى على خمسة مقاعد، وبطلان تشكيل مجلس إدارة النادى، وتشكيل لجان الإشراف على الانتخابات واللجنة العامة تتولى الدعوة لانتخابات عامة على مقعد رئيس النادى وأعضاء لمجلس الإدارة وتحديد ميعاد غايته 31 ديسمبر 2010 لإجراء الانتخابات.