قبيل ساعات من انطلاق موجة من المظاهرات من عدة مدن إسرائيلية، السبت، شارك فيها مئات الآلاف احتجاجاً على غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المساكن، أعلنت الشرطة الإسرائيلية أنها اتخذت تدابير أمنية مكثفة، منها إغلاق عدة شوارع، استعداداً للاحتجاجات التى قال منظموها إنهم يأملون بمشاركة نصف مليون شخص فيها، معتبرين هذا الرد شافياً على «استهتار» رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بمطالبهم ورفضه الاجتماع معهم.
وذكرت الإذاعة الإسرائيلية، صباح السبت، أنه من المقرر أن تبدأ المظاهرة فى المساء، حيث يقوم المتظاهرون بمسيرة من مخيم الاحتجاج فى جادة روتشيلد باتجاه المجمع الحكومى فى شارع كابلان بتل أبيب. وأوضحت أنه من المتوقع أن تجرى مظاهرات احتجاجية أخرى بالتزامن مع مظاهرة تل أبيب، فى عدد من المدن ومن بينها القدس وحيفا.
ويستمد قادة الاحتجاج التفاؤل بنجاح المظاهرات التى يرونها «اختباراً حقيقياً» لحركتهم، السبت من عدول رئيس نقابة العمال العامة (هستدروت) عوفر عينى عن موقفه المعارض لهم، وإعلانه مساء الخميس فى اجتماع عمالى ضخم وقوف النقابة مع المتظاهرين، معتبراً أن «إسرائيل تحولت إلى دولة رأسمالية خنزيرية»، وأن أسعار الشقق ارتفعت بشكل جنونى نتيجة سياسة الحكومة، ومناشداً بلغة تحذيرية رئيس الحكومة الإسراع فى الاجتماع مع ممثلى المحتجين والإصغاء لمطالبهم، وذلك فى الوقت الذى أعلن فيه عدد من كبار الفنانين الداعمين للحركة الاحتجاجية مشاركتهم فى المظاهرات.
وبينما حفلت الصحف الإسرائيلية بعناوين على شاكلة «اختبار القوة»، «امتحان الدولة»، «لحظة الحقيقة»، «اختبار حركة الاحتجاج»، «نافذة لمستقبل جديد»، أمس الأول، فى إشارة إلى المظاهرات الاحتجاجية المرتقبة، أفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» بأنه فى أعقاب الاحتجاجات، جمد الجيش الإسرائيلى مؤقتاً خطة العمل المتعددة السنوات التى وضعها رئيس الأركان الجنرال بينى جانتس المفترض أن يبدأ تطبيقها العام المقبل حتى عام 2018، وتتطلب زيادة فى موازنة الدفاع نحو بليونى دولار، وذلك خشية إثارة حنق المحتجين.
فيما قالت صحيفة «معاريف» إن رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية النائب شاؤول موفاز سيعرض قريبا خطة اقتصادية، أعدها بالتعاون مع خبراء فى المجال الاقتصادى، تتناول حلولاً للمشاكل الاجتماعية التى عبرت عنها الاحتجاجات. ونقلت الصحيفة عن موفاز - الذى شغل فى السابق منصب وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان الـ16 للجيش الإسرائيلى- قوله «فى حال استمررنا فى المواجهة مع الفلسطينيين فإن حجم استثماراتنا فى المخزون الاستراتيجى والدفاع عن الجبهة الداخلية سيتناقص بشكل مستمر دون توقف»، وأضاف: «من الممكن الذهاب إلى حل مع الفلسطينيين بشكل مشابه للسلام مع الأردن ومصر، وحينها سنوفر مبالغ ضخمة، ومن ثم يمكن أن نحول هذه المبالغ لحل المشاكل الاجتماعية فى الدولة».
وفى غضون ذلك، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إن الإسرائيليين يطمحون إلى دولة تبذل ما هو أكثر لمساعدة شعبها، وأضافت أن واحداً من الدوافع التى أثارت هذا الشعور بالإحباط لدى الإسرائيليين هو التحول فى السياسات الاقتصادية من تطبيق الاشتراكية إلى التحول لنظام الخصخصة، موضحة أنه على الرغم من أن تلك السياسة ربما تكون قد ساهمت فى إنقاذ البلاد من مغبة انهيار اقتصادى فى ثمانينيات القرن الماضى، فإنها أضفت شعورا بالفردية واستئثار شريحة معينة من المجتمع بالسلطة والمال.
من ناحيتها، لفتت وكالة «معا» الفلسطينية للأنباء إلى أن يوم «السبت» اليهودى وعلى طريق «الجمعة» فى العالم العربى يتحول رويداً رويداً فى ساحات المدن الإسرائيلية إلى «يوم ثورة احتجاج اجتماعى»، وأنه أصبح له اسم ودلالة، موضحة أن مظاهرات الأمس اتخذت من «الحكومة تركت الشعب» شعاراً لها.
وكان زعماء المعارضة الإسرائيلية وجهوا انتقاداً لاذعاً إلى نتنياهو على أسلوب تعامل الحكومة مع الاحتجاجات المطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية فى إسرائيل، فى حين أظهر أحدث استطلاع للرأى فى إسرائيل أن أكثر من نصف الإسرائيليين غير راضين عن كيفية تعامل نتنياهو مع الأزمة.