x

أسامة غريب الحج.. عادة وكومبو! أسامة غريب الخميس 15-09-2016 21:53


بمناسبة موسم الحج لا أستطيع أن أنسى الجملة المؤلمة التى قالتها أنجيلا ميركل وهى تقدم الدعم للمهاجرين العرب.. قالت المستشارة الألمانية: إن الفارين من جحيم الحرب فى سوريا قد لجأوا إلى ألمانيا ولم يستطيعوا الاقتراب من مكة!

ورغم الألم فإن الأمر لا يدهش، فالعرب لا يجيرون مظلوماً ولا يغيثون ملهوفاً، وموسم الحج قد تحول بالنسبة لهم- حكاماً ومحكومين- إلى طقس منفصل عن الحياة، وصار أقرب إلى بديل عن العمل الصالح، وهو فى ظنهم يعفيهم من الرجولة والوفاء والإيثار والنخوة وإعمار الأرض بمفهومه الواسع. صار الحج بديلاً عن ذلك كله بالنسبة للفاسدين الذين يشدون الرحال إلى الأراضى المقدسة فى رحلة تطهر من الآثام يعودون بعدها ليبدأوا من أول السطر رحلة فساد جديدة فى انتظار الموسم التالى!. لست أتحدث طبعاً عن الفقراء الذين يجمعون السحتوت فوق السحتوت علهم يتمكنون فى آخر العمر من القيام بالرحلة المباركة، ولا أتحدث عن القلة من الصادقين فى حجهم، وهم بالضرورة قلة، فلو أنهم كانوا كثيرين ما كانت هذه هى أحوال العرب.

إننى منذ أن وعيت على الدنيا والتمثيلية الموسمية فى مصر لا تتغير.. فمع اقتراب عيد الأضحى تبدأ الصحف تحدثنا عن موسم الحج والاستعدادات العظيمة التى تقوم بها الدولة لخدمة زوار بيت الله الحرام، وعن التوجيهات التى صدرت من أجل تيسير الرحلة المقدسة، وقيام الدولة بكل أجهزتها بالعمل على راحة الحجاج ووضعهم فى حدقات العيون، بحيث يصير شأن الحجاج فى حلهم وترحالهم، فى سعيهم وطوافهم، حصاهم ورجمهم، نومهم وصحوهم، دعائهم وصلواتهم هو الشغل الشاغل للدولة.. ولا يتوانى السيد المحافظ والسيد مدير الأمن والسيد رئيس الحى والسيد مدير الاستاد عن الذهاب فى مشهد درامى مؤثر لوداع الحجيج فى الموانئ والمطارات وفى مواقف الأتوبيس. ولاحظ معى أنها نفس الدولة التى اعتادت أن تهمل المواطنين، بل وتحرمهم من كل أسباب الحياة، نجدها فجأة تستنفر كل أجهزتها وتقوم بإرسال عدة بعثات لرعاية الحجاج حتى عودتهم إلى أرض الوطن بسلام، وهى بعثات تضم موظفين من وزارات وهيئات عديدة ينعم أفرادها بالحج البلوشى ومعهم بدل السفر مربوطاً تحت ملابس الإحرام. هذا بالإضافة إلى الحج السوبر الذى يتيحه الأمراء السعوديون كل عام لنظرائهم المصريين من السادة الباشوات كالوزراء والمحافظين والإعلاميين وكل من يُنتظر أن يكون ذا فائدة فى المستقبل!. هل تعلمون يا سادة أن هذا الحج الذى يخلو من أى مشقة وتعقبه العودة بالهدايا والنفحات.. هل تعلمون أن مصر تدفع ثمنه من كرامتها ومن سيادتها وقرارها؟

لا أعتقد أن الأمر فى حاجة إلى فتوى من عالم جليل أو شيخ متفقه، لأن الموجود حالياً من هذه الفئة يمكن أن يجيز أى شىء، لكن الأمر واضح وضوح الشمس، وبسيط لدرجة أن أى سمكرى أو عجلاتى أو مبيض محارة يملك قلبا نظيفا وفطرة سليمة يمكنه أن يشرح للسادة الأكابر أن السفر على حساب شعب مصر الفقير هو حرام شرعاً، وهو إثم عظيم لو كانوا يعلمون.. وهم بالتأكيد يعلمون!.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية