التجربة تكاد تكون واحدة لكن التفاصيل مختلفة، فلا فرق كبيراً بين بطل فيلم «كراكون فى الشارع» وصلاح على مكاوى، فكلاهما فشل فى الحصول على مسكن يؤويه فاتخذ من الشارع مقرا له ولكن داخل سيارته، وإذا كان عادل إمام بطل الفيلم صمم السيارة بشكل معين ليقيم فيها وعائلته الصغيرة، فإن صلاح اشترى سيارة فيات 128 ليقيم فيها بمفرده بعد انفصاله عن زوجته.
كان «صلاح» يمتلك شقة فى الطابق الأول فى إمبابة، وكان يعيش فيها مع أسرته المكونة من زوجته وأولاده، ولكن انهار عش الزوجية بعد أن اكتشف صدفة أن زوجته التى عاش معها 13 عاما تعمل فى الدجل والشعوذة، فذات يوم وبينما كان «صلاح» يسير فى الشارع الذى يسكنه متجها إلى عمله، لاحظ أن الجيران يتهامسون حوله ويشيرون إليه من بعيد، فشك فى أن شيئا ما يحدث فى غيابه، وعندما خرج إلى المعاش وجلس فى البيت ليل نهار اكتشف ما أخفته عنه زوجته طوال تلك السنوات. يقول «صلاح»: «بعد عشرة سنين عرفت من الناس إن هى وعائلتها يعملون فى السحر والأعمال السفلية، قررت أتأكد بنفسى فقعدتلها فى البيت شهر.. كانت آخر ليلة فيه خبطة على بابى من بلطجية أجبرونى على ترك المنطقة كلها بعدما علمت سرها وبدأت أفضحها هى وعائلتها فى المنطقة».
خرج «صلاح» فى تلك الليلة ولم يعد إلى بيته مرة ثانية، توجه إلى إخوته فى «قلعة الكبش» لكنهم لم يتحملوا وجوده معهم لفترة طويلة، فاضطر إلى النوم فى المساجد، بعدها قرر أن يشترى سيارة لينام فيها: «أخدت قرض بضمان معاشى واشتريت سيارة قديمة خربانة بتمشى بالعافية. ومنذ تلك اللحظة أصبح عنوان «صلاح»: «سيارة فيات 128.. علامتها كلمة (مظلوم) التى كتبها على زجاجها الخلفى». حول «صلاح» شنطة السيارة إلى دولاب يحتفظ فيه بملابسه، وحوّل كراسيها إلى حجرة نوم عليها مرتبة ووسادة وغطاء ليحميه من برد الشتاء: «بنام فى العربية صيف وشتا كل ليلة.. والصبح بلقّط رزقى فى مكاتب السياحة المحيطة بى.. قلت أستخدم الرخصة فى سواقة عربيات المكاتب دى مقابل أجرة بسيطة.. لأن معاشى كله بيتخصم فى القرض».
نوم السيارة أرهق «صلاح» فقرر أن يستخدم حقه كمواطن معدوم، ذهب إلى محافظة القاهرة، وطلب الحصول على شقة، لكنه لم يحصل على شىء مؤكداً أنه لا يبحث عن شقة ليرتاح فيها ولكن ليعيش فيها مع أولاده الذين يعيشون مع جدتهم، ولا يراهم إلا فى المدرسة، ويخشى عليهم من البقاء مع أمهم.