هو أسطورة التدريب داخل القلعة الحمراء منذ بداية الألفية الثالثة، ارتبط اسمه بالبطولات وإنجازات المارد الأحمر في السنوات الأخيرة، بل كان العامل الأساسى في هيمنة الفريق الكروى الأول بالنادى الأهلى على البطولات المحلية والأفريقية وأيضاً العالمية، قاد أبناء المايسترو الراحل صالح سليم إلى حقبة كروية هي الأروع على مدار تاريخ النادى، لم ينجح أي فريق في إفساد تلك السيطرة التاريخية، التي جسدت شخصية نادى القرن الأفريقى، على جميع المستويات، كما بات لاعبو الأهلى نواة للمنتخب الوطنى لكرة القدم، الذي نجح في التتويج ببطولة الأمم الأفريقية ثلاث دورات متتالية، حتى أصبحت علاقة جوزيه بالنادى الأهلى كعلاقة السمك بالماء، كلاهما لا يستغنى عن الآخر، وهو ما سبَّب أزمة كبيرة لدى مدربى الأهلى الذين تولوا مهمة القيادة الفنية للفريق عقب رحيله، بعدما اعتاد الفريق دائماً منصات التتويج المختلفة، ولاسيما أنه رسخ ثقافة الفوز في شخصية الجماهير ومن قبلهم اللاعبين.
لا يختلف اثنان على أن البرتغالى جوزيه هو الأشهر في تاريخ مدربى النادى الأهلى، بالرغم من تولى عدد من المدربين الأجانب مهمة القيادة الفنية، والذين نجحوا في ترك بصمتهم عقب قيادتهم الفريق للبطولات، وعلى رأسهم هيدكوتى وفايتسا، إلا أن نجاحات جوزيه لم يضاهِها أحد ممن سبق أو تلى المدرب البرتغالى، الذي أصبح أيقونة النجاح والانتصارات،
وها هو الآن يعود إلى مصر، ولكن من خلال تجربة جديدة، بعيداً عن أحضان القلعة الحمراء، ولهذا حرصت «المصرى اليوم» على إجراء حوار مع الساحر البرتغالى، فخص الجريدة بحوار يكشف فيه عن العديد من الأسرار والكواليس التي يسردها للمرة الأولى.. وإلى نص الحوار:
■ في البداية.. مرحباً بك مرة أخرى في مصر.
- شكراً جزيلاً، وفى الحقيقة أعتبر نفسى مصرياً، بسبب الأيام الرائعة التي عشتها في هذا البلد الرائع، والتى كانت شاهد عيان على إنجازاتى وبطولاتى التي حققتها مع النادى الأهلى، كما أننى ارتبطت بعلاقة طيبة مع الجماهير سواء الأهلاوية أو الزملكاوية الذين يقدروننى وأنا أيضاً كذلك.
■ هل تشعر بالضيق لأنك تستأنف عملك بها من جديد دون تواجدك بالنادى الأهلى؟
- عليك أن تعرف أن الفترة التي تواجدت بها داخل الأهلى كانت الأبرز في تاريخى وفى تاريخ النادى، وأعتقد أنه بالنسبة للجماهير أيضا، لما حققناه سوياً من بطولات رائعة، بالطبع أتذكر تفاصيل كل بطولة حققتها مع الأهلى، ولكن الحياة بالتأكيد يجب أن تستمر بالنسبة لجميع الأطراف، أنا الآن أخوض تجربة جديدة، بعيداً عن مجال التدريب الذي اعتزلته قبل المجىء للقاهرة في تلك الفترة.
■ هل اعتزلت التدريب لأنك لم تتلق أي عروض؟
- أجاب غاضباً.. ومَن قال إننى لم أتلق أي عروض تدريبية، أود أن أحيطك علما بأننى تلقيت أربعة عروض تدريبية ولكننى رفضت.
■ ممن؟
- أجاب متهكماً.. لن أفصح عنها.
■ إذن فلِمَ اعتزلت التدريب؟
- لأسباب شخصية لا أريد أن أفصح عنها.
■ هل لأنك لم تتخيل نفسك تقود فريقاً غير الأهلى؟
- ولماذا تربطنى بالأهلى دائما في جميع أسئلتك.. قلت لك إن الحياة يجب أن تستمر لجميع الأطراف.
■ ماذا عن طبيعة عملك مع تجربتك الجديدة؟
- نعم، أريدك أن تسألنى فيما أنا فيه في الوقت الحالى.. أنا أتولى الإشراف على أكاديمية مانويل جوزيه، بالشراكة مع الأستاذ محمد الطويلة، رئيس نادى نجوم المستقبل، تحت رعاية وزارة الشباب والرياضة، في عقد مدته خمس سنوات، وسيكون العمل على الناشئين من سن 7 إلى 14، وقد وجدت ترحيباً شديداً من جميع العاملين بتلك التجربة، وهو ما جعلنى متحمساً لخوضها، كما يقود معى التجربة مساعدى فيدالجو، الذي تواجد معى خلال تدريب الأهلى في الولاية الثالثة، وسيكون متواجداً في مصر معظم الوقت، وأنا سأتواجد خمسة أيام في كل شهر لمتابعة الحالة الفنية للأكاديمية.
■ كيف جاءت المفاوضات، وما الدوافع التي جعلتك تقبل المهمة؟
- المفاوضات استمرت لأكثر من سنتين عن طريق صديقىَّ المقربَيْن في مصر، الأستاذ مازن مرزوق، وخالد العلايلى، اللذين لعبا دوراً بارزاً في قبولى المهمة، ثم بعد ذلك لمست الاحترافية في تعامل الأستاذ محمد الطويلة، الأمر الذي جعلنى متحمساً لخوض التجربة، كما أن رغبتى في تقديم خدمة لمصر ساهمت في التواجد بها حالياً وخوض التجربة.
■ ما اختلافات طبيعة العمل مع الناشئين عن لاعبى الفريق الأول؟
- بالتأكيد فارق شاسع.. لاعبو الفريق الأول هم محترفون يعرفون جيداً أنهم متواجدون من أجل التتويج بالبطولات لا غير، أما المرحلة العمرية التي نعمل من أجلها، فنسعى لتوسيع آفاق أصحابها وتعليمهم أساسيات اللاعب الناجح وتدريبهم على الاحترافية منذ الصغر لتقديم نواة من اللاعبين المتميزين للمنتخب المصرى، وأيضاً كى يكونوا نواة للأندية الكبرى، كما أنهم يحتاجون لمعاملة خاصة تختلف عن الكبار على جميع المستويات.
■ لكنك اتُّهمت خلال فترة تواجدك في الأهلى بأنك دمرت قطاع الناشئين باعتمادك على اللاعبين ذوى الخبرة..
- هذا الكلام غير صحيح بالمرة، فقد قمت بتصعيد أكثر من لاعب، ومنهم مَن نجح مثل حسام عاشور وعماد متعب وأسامة حسنى، وهناك البعض الذي رحل لسوء التوفيق، كما أننى كنت حريصاً على متابعة تدريبات الناشئين بصفة مستمرة.
■ ألم تخشَ أن تنخفض شعبيتك بسبب تلك التجربة؟
- أجاب غاضباً.. الشهرة والشعبية ليست لها علاقة بما أقوم به حالياً، وأنا أعلم مقدار حبى لدى الجماهير، وأعتقد أنها لن تتأثر بإشرافى على أكاديمية مانويل جوزيه، كما أن هناك لاعبين يلعبون كرة القدم ويمتلكون أكاديميات خاصة، ومع ذلك لم تتأثر شعبيتهم، لأن هذا الأمر لا يقل أهمية أو «برستيج» عن التدريب.
■ هل هناك اختلاف في طريقة الإدارة بين محمد الطويلة وحسن حمدى؟
- لا أستطيع أن أحكم حالياً، وبخاصة أننى أعرف الطويلة منذ أربعة شهور فقط، بينما حسن حمدى تعاملت معه لسنوات طويلة، وكلانا يعرف طبيعة وشخصية الآخر، وهو ما سهل مهمتى مع الأهلى.
■ بمناسبة الأهلى.. ما رأيك في أداء الفريق في الفترة الأخيرة؟
- بصراحة لم أتابع الأهلى منذ فترة طويلة، رغم أننى في البرتغال حريص على الاشتراك في القنوات التي تبث مباريات الدورى الممتاز، ولكننى أعلم أنه حصل على بطولة الدورى الممتاز في الموسم الماضى.
■ لماذا لم تتابع مباريات الأهلى؟
- بسبب انشغالى ببعض الأمور الشخصية والأسرية في البرتغال، «ثم ضحك»: وأعتقد أننى معى العذر في ذلك.
■ لماذا تضحك؟
- لأننى لا أعرف مدى أهمية السؤال وما الذي تريد أن تصل له!
■ ألا تراه أمراً غريباً أن يقود الأهلى في الموسم الماضى مدربون كبار بحجم بيسيرو ويول، ولم يُتوج الفريق سوى ببطولة الدورى؟
- وهناك أيضاً بطولة السوبر التي أُقيمت في الإمارات وحسمها الفريق لصالحه بثلاثة أهداف مقابل هدفين.. ولكن لا توجه لى هذا السؤال.. ما يمكن أن أقوله لك إن الأفضل هو مَن يفوز بالبطولات.
■ ما البطولة الأهم في مشوارك مع الأهلى؟
- خضنا مباريات عديدة كانت في غاية الصعوبة ولكن كنت على ثقة بأننا سنحسم لقبها، وعلى رأس تلك البطولات دورى أبطال أفريقيا، الذي تُوجنا به على حساب الصفاقسى بالفوز في رادس بهدف نظيف لمحمد أبوتريكة.
■ بمناسبة أبوتريكة.. صرحت في وقت من الأوقات بأنه يتجاهل الرد على اتصالاتك الهاتفية؟
- لا لم يحدث، فهو أحد أصدقائى داخل مصر.
■ ما رأيك في الآراء التي تنادى بتوليته منصبا في الجهاز الفنى للأهلى؟
- لا أعتقد ذلك، فشخصية أبوتريكة تمنعه من خوض مجال التدريب لأنه شخصية مهذبة.
■ لماذا؟
- لأننى أعتقد أنها لا تتناسب مع طبيعة العمل الإدارى.
■ ما تقييمك لتجربة عماد النحاس مع فريق أسوان؟
- لم أتابع مباريات الفريق بشكل قوى ولكنها كانت ناجحة، لأنه يمتلك شخصية القائد.
■ هل رحيل عدد من نجوم الفريق الذين اعتمدت عليهم خلال فترة توليك قيادة الأهلى أثر سلبياً على مستوى الفريق؟
- بكل تأكيد، عندما يتعلق الأمر ببناء فريق جديد فسيكون هذا على حساب النتائج وفقدان بعض البطولات ولكن الأهم أن ينهض الفريق سريعاً، وأن يدرك اللاعبون أن الفوز وحده هو ما يلعبون من أجله.
■ ما تقييمك لتجربة حسام البدرى مع الأهلى؟
- مدرب جيد ومخلص وكان شريكاً لى في البطولات التي تُوجنا بها، ولكن عليه كما قلت لك أن يقود الفريق للفوز بشكل متتالٍ، وأن يرسخ قدمه ويحصل على ثقة اللاعبين، ونجاحه مرهون باستجابة اللاعبين للفكر الذي يسعى لتطبيقه خلال الفترة المقبلة، والأهم انتشالهم من حالة الإحباط بسبب خسارة كأس مصر والخروج من البطولة الأفريقية.
■ هل ترى أن الوقت قد حان لاعتزال عماد متعب وحسام غالى؟
- لا أعرف، فهما أدرى بمستواهما وبالوقت المناسب لاتخاذهما قرار الاعتزال.
■ مَن أفضل مَن تعاملت معهم داخل فريق الأهلى على مستوى اللاعبين؟
- حقيقة.. معظم اللاعبين كانوا يتعاملون بمنتهى الاحترافية، فهناك محمد أبوتريكة ومحمد بركات ووائل جمعة وشادى محمد وعماد النحاس وعماد متعب وأيضاً حسام عاشور.
■ ماذا عن الحضرى؟
- لا أفهم سؤالك.. ماذا تقصد؟
■ هل كان محترفاً هو الآخر؟
- الحضرى كان أكثر لاعبى الفريق مشاركة في المباريات، رغم أننى لا أحبه.. ويكفى أنه باع الفريق من أجل المال.
■ هل نوعية اللاعب المصرى تحتاج لمدرب صارم؟
- ليس في معظم الأحيان.. ولكن الحزم والصرامة يجب أن يكونا بمقدار، ولا ينبغى أن يكونا السمة المتميزة للمدير الفنى طوال الوقت.
■ هل الصرامة والحزم كانا سبب خلافاتك مع علاء عبدالصادق في ولايتك الأولى؟
- علاء عبدالصادق هو الشخص الوحيد الذي يكرهنى، وأنا أيضاً أبادله الشعور نفسه.
■ لماذا؟
- لأنه كان السبب في رحيلى عن الأهلى في الولاية الأولى، بعدما قام بالوقيعة بينى وبين مجلس الإدارة والجماهير، وأطلق علىَّ شائعات بأننى أقوم بالسمسرة على اللاعبين، وأود أن أوجه له رسالة بأننى أفضل مدرب في تاريخ مصر وأفريقيا، بل العالم.. أنا مدرب محترف وأجرى الشهرى يكفينى، ولا أحتاج لأن أقوم بمثل هذا الأمر تماماً.
■ لماذا قال عبدالصادق مثل هذا الكلام؟
- لا أعرف.. ولكن علاء عبدالصادق إذا ضغط على لسانه فسيموت من كثرة السم المتواجد به، أعتقد أنه في حاجة لدكتور نفسى لعلاجه.
■ هل انتهت خلافاتك مع مرتضى منصور، رئيس نادى الزمالك؟
- بالفعل، فقد جمعتنا المصادفة منذ عدة أيام داخل مكتب وزير الشباب والرياضة، وأنهينا جميع الخلافات، فهو شخص محترم وأكن له كل تقدير واحترام.
■ ما رأيك في مجلس إدارة الأهلى؟
- بلاشك المهندس محمود طاهر شخصية محترمة ويسعى للنهوض بالنادى الأهلى وأتمنى لجميع أعضاء المجلس كامل التوفيق.
■ هل ترى أن المنتخب الوطنى قادر على التأهل لمونديال روسيا 2018 المقبل؟
- في الحقيقة لم أتابع كثيراً مباريات المنتخب ولكن أعلم أن هناك عددا من اللاعبين احترفوا في الدوريات الأوروبية، وهو الأمر الذي سيضيف للمنتخب المصرى في مشواره في التصفيات الأفريقية المؤهلة للمونديال.
■ من وجهة نظرك مَن أفضل لاعب في مصر حالياً؟
- لا أستطيع إجابتك عن السؤال لأننى لم أتابع مباريات الدورى كما قلت لك من قبل بإمعان.
■ كلمة أخيرة..
- أتمنى النجاح في تجربتى الجديدة بالعمل في الأكاديمية، وبخاصة أننى أسعى لتقديم عمل متميز وجيد يعود بالنفع على البلد، كما أتمنى التوفيق للأهلى بقيادة حسام البدرى فيما هو قادم، وأود أن أشكر الجماهير المصرية، وبخاصة الأهلوية، على دعمهم المستمر.