شددت صحيفة «جارديان» البريطانية على أهمية عدالة محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك، وأن تأتي قبل الرغبة في القصاص منه أو عقابه.
وقالت الصحيفة في مقالها الافتتاحي: «إن رؤية رجل واحد داخل قفص الاتهام، فتنت العالم العربي، معتبرة أن انخفاض البورصة المصرية، الأربعاء، جاء نتيجة أن التجار لم يستطيعوا أن يبعدوا أعينهم عن شاشات التليفزيون التي نقلت المحاكمة على الهواء».
وأوضحت أن الحكام العرب في سوريا واليمن وليبيا يحاولون بيأس أن يتجنبوا مصير مبارك، لافتة إلى أن مبارك نفسه دخل نفس القفص، الذي حبس فيه كثير من معارضيه، لكنه لن يموت في السجن مثلهم.
من ناحية أخرى، أشارت «جارديان» إلى أن مبارك يحاكم فقط على يومين من 30 عاما أمضاها في الحكم، لكنه لن يحاكم على التعذيب والجرائم الأخرى، التي ارتكبها، مشددة على أن الرغبة في الانتقام والقصاص من مبارك مفهومة، لكن المحاكمة العادلة والنزيهة هي السبيل الوحيد لمصر، لكي تتخلص من الماضي وتلتفت للمستقبل.
وشككت في أن تتم إدانة مبارك بعد تلك المحاكمات، خاصة أن فترة التحقيق قبلها كانت قصيرة، واستغرق أمر الإحالة من النائب العام أقل من 3 أشهر، فضلا عن حالة مبارك الصحية «المختلف عليها حتى الآن»، والتي يمكن أن تمنع حبسه.
وأضافت أن هناك ضغطا شديدا على أهالي الشهداء، الذين منعوا من دخول المحاكمة وتعرضوا للاعتداء من قبل مؤيدي مبارك، موضحة أنه من الممكن أن يستجيب بعضهم للضغط عليه وبالتالي لا تتحقق العدالة في قضية قتل المتظاهرين.
ولفتت إلى أن هناك علامات سيئة ظهرت في أول محاكمة، منها تدافع المحامين وعدم معقولية طلبات بعضهم واستماتة آخرين للحصول على انتباه القاضي، بينما اتضحت استراتيجية فريق الدفاع عن مبارك، الذي دعا لاستدعاء أكثر من ألف شخص للشهادة، وهي محاولة لإطالة المحاكمة وإجراءاتها، كما كان طلب استدعاء المشير طنطاوي، محاولة للضغط على المجلس العسكري وإخافته ووضعه تحت طائلة محاكمة جنائية سياسية.
وقالت: «إن العدالة الانتقالية في مصر "فوضوية"، بسبب الظروف المحيطة بها، وهو طبيعي بالنسبة لدولة تحاول الانتقال للديمقراطية سلميا، مشيرة إلى إيجابيات في المحاكمة، منها القاضي المعروف عنه نزاهته وبث المحاكمة على الهواء علانية.
واختتمت «جارديان» افتتاحيتها قائلة: «إن محاكمة مبارك ليست مهمة بالنسبة لمصر فقط، وإنما لمستقبل الديمقراطية بالنسبة للعالم العربي كله».