x

زياد ماجد: تركيا تُعزّز دورها في سوريا... والسعودية تَراجع نفوذها (حوار)

الإثنين 05-09-2016 14:13 | كتب: رضا غُنيم |
زياد ماجد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بباريس زياد ماجد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بباريس تصوير : آخرون

تعيش تركيا مرحلة تحوّل جديدة في سياستها الخارجية، بعد فشل محاولة الانقلاب على الرئيس رجب طيب أردوغان. تدخل عسكري مباشر في سوريا، إعادة العلاقات مع روسيا، ورغبة في تطبيعها من جديد مع مصر وسوريا، وخلافات مع واشنطن لدعمها قوات كردية في دمشق.

«المصري اليوم» حاورت الدكتور زيّاد ماجد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في باريس، وأحد أبرز المهتمين بالقضايا العربية في مقدمتها الأزمة السورية، في العالمين العربي والغربي، لتحليل تحركات تركيا الأخيرة في المنطقة، خاصة بسوريا، ودورها في حل الأزمة.

يقول «ماجد»، إن أنقرة تعمل منذ شهرين على إعادة التموضع سياسياً تجاه العديد من صراعات المنطقة، وتحاول توسيع هوامش سياستها الخارجية، وإظهار قدرتها على امتلاك خيارات وتحالفات متعدّدة بما لا يبقيها أسيرة علاقات سابقة أو حسابات متقادمة.

وحسب «ماجد»، فإن محاولة الانقلاب الفاشلة التي تعرّض لها حكم الرئيس أردوغان هي ما سرّعت السير في إعادة التموضع، انطلاقاً من شعور أنقرة بـ«خذلان أمريكي وغربي لها خلال المحاولة، وعدم إدانة واشنطن والعواصم الأوروبية للانقلابيين إلّا بعد التأكّد من فشلهم في اليوم التالي على تحرّكهم»، ويضاف إلى ذلك أن أنقرة مستاءة جداً من النقد العالي اللهجة الذي تتعرّض له من قبل الاتحاد الأوروبي فيما يخصّ ملف الحريات العامة، وهي التي تحاول منذ عقود الانضمام إلى أوروبا ولا ترى نفسها أقلّ شأناً في الديمقراطية والحرّيات من دول انضمّت فعلاً أو هي في طريقها إلى الانضمام مثل المجر وبلغاريا ورومانيا.

ويضيف «ماجد»، أن هناك أسباب اقتصادية أيضاً لتحركات تركيا الأخيرة، منها الرغبة في المصالحة مع موسكو، والتطبيع مع إيران، مظهرةً بذلك أن لديها خيارات في السياسة الخارجية تتخطّى حلف شمال الأطلسي، وأنها إن استمرّ حلفاؤها السابقون في انتقادها وفي عدم الاكتراث لمطالبها، خاصة في شمال سوريا، فستستطيع التحالف أو التعاون مع سواهم، أو تستطيع توسيع هامش تحرّكها بحيث لا تبقى في حاجة للغطاء الأمريكي خشية المواجهة المباشرة مع موسكو.

وعن التدخل في سوريا، يقول مؤلف كتاب «سوريا.. الثورة اليتيمة»، إن الشأن الكردي هو الهاجس التركي الأوّل سورياً، يليه هاجس «داعش»، خاصة بعد الانفجارات الأخيرة التي استهدفت إسطنبول وأنقرة، وغيرها من المدن التركية.

ويوضّح: «استناداً إلى مصالحتها مع روسيا التي تقلّص احتمالات تواجههما في سوريا، واستناداً إلى صعوبة الاعتراض الأمريكي على قتالها لداعش، وهي المُطالَبة بجهد أكبر فيما يُسمّى بـ(الحرب على الإرهاب)، قررت أنقرة التدخّل خلف حدودها الجنوبية لإخراج داعش من الشريط الحدودي معها، ولمنع قوات سوريا الديمقراطية الكردية المدعومة أمريكياً من التمدّد غرب نهر الفرات وربط المناطق الثلاث (الحسكة وكوباني وعفرين) التي تسيطر عليها ببعضها، وتأمين تواصل ترابي بينها يعزّز حكمها الذاتي المُقلق لأنقرة».

ودفعت تركيا، حسب «ماجد»، في تحرّكها الجيش السوري الحر، إلى الواجهة بما يدخله عنصراً قوياً في المعادلة شمال سوريا، المتحوّل إلى ساحة الصراع الأوسع، وربما الساحة الوحيدة المفتوحة على جميع احتمالات التصعيد أو التهدئة في ظل تجميد جبهة الجنوب، وإقفال الحدود الأردنية، وفي ظل تعزيز النظام وحلفائه سيطرتهم على محيط العاصمة دمشق.

ويضيف أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بباريس، أن تركيا تخلق اليوم في الشمال السوري «المنطقة الآمنة» التي لطالما طالبت بها ورفضتها واشنطن وموسكو، والتحدي المستقبلي سيكون في سبل حمايتها لهذه المنطقة والحيلولة دون تعرّضها لقصف النظام بما يُتيح للجيش الحرّ التوسّع منها نحو باقي مناطق «داعش»، وقطع الطريق على القوات الكرديّة التي كانت تسعى لذلك بدعم أمريكي ووفق أفق تكريس الحكم الذاتي الكردي.

وعن تصريحات رئيس الوزراء التركي، على يلدرم، حول رغبة أنقرة في تطبيع العلاقات مع سوريا، وتراجع حدة الانتقادات لبشار الأسد، يقول «ماجد»، إن تركيا تريد إظهار بعض الليونة من خلال اعتماد اللهجة الدبلوماسية المتداولة منذ فترة، والتي تتحدّث عن الاستعداد بالقبول بـ«بشار» في المرحلة الانتقالية شرط مغادرته السلطة بعد ذلك، وحصلت قبل ذلك على إشارات من موسكو عن استعداد النظام الأسدي لمواجهة القوات الكردية، وترجم النظام ذلك بقصف طيرانه للقوات الكردية في الحسكة، منتصف أغسطس الماضي حين اصطدم عناصرها مع «ميليشيا الدفاع الوطني» المحلية الموالية للنظام.

ويضيف: «لا أظنّ أن مصير بشار يتعلّق بهذا النوع من التصريحات والمناورات، خاصة في ظل قرب انتهاء ولاية أوباما وصعوبة توصّلها في ما بقي من وقت إلى اتفاق شامل مع روسيا يتخطّى عناوين (وقف النار) و(الحرب على الإرهاب) ليصل بالفعل إلى العملية السياسية ومسألة انتقال السلطة. دخول تركيا إلى سوريا يسمح لها بالتأثير في شكل الحلّ وفي نتائجه وآليات تنفيذه المستقبلية».

ويتابع: «ما يُظهره كلّ هذا الحراك التركي في الشمال السوري هو أن الأطراف الخارجية المتدخّلة في الصراع لم تعد تعتمد على حلفائها فقط، بل صارت موجودة مباشرة على الأرض أو في السماء (روسيا وإيران والولايات المتّحدة وتركيا). وهذا يخرج باقي الأطراف المتدخّلة غير الموجودة مباشرة من القدرة على الفعل والتأثير بالطريقة إياها وبالمستوى نفسه، وأعني هنا السعودية بخاصة، التي وإن ما زالت تملك حلفاء سوريين وتسعى لتعزيز حضورهم في مواجهة النظام ضمن صراعها مع إيران، إلا أنها باتت تركّز أكثر (في الوقت الراهن على الأقل) على تدخّلها في اليمن وعلى شؤونها الاقتصادية والسياسية الداخلية».

وحول رغبة تركيا في إعادة العلاقات مع مصر، يقول «ماجد»، إن استعداد تركيا للانفتاح عليها يؤكّد الرغبة التركية في توسيع علاقاتها الإقليمية والدولية من جديد، فهي تصالحت أيضاً مع إسرائيل من دون أن تغيّر من خطابها المطالب برفع الحصار عن غزّة، وكانت في تصادم سياسي مع السعودية في مصر رغم تحالفهما في سوريا وتفاهمهما في العراق واليمن، وتريد ربّما الآن فتح صفحات جديدة مع معظم دول المنطقة بما يسمح لها بأدوار أوسع في السنوات المقبلة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية