«قادر، الحرب وقط النبي» هو عنوان غريب لرواية ترصد استقطاب الشباب في ألمانيا للقتال مع داعش، الطابع البوليسي والشخصيات الوهمية للرواية يفسران أسباب التطرف.
«الله أكبر» يصرخ قادر البالغ من العمر 16 عاما أمام ملعب كرة القدم في هامبورغ بألمانيا. وهو على بعد دقائق من تفجير نفسه وقتل مئات الأبرياء «بهذا المشهد يتم افتتاح الرواية الألمانية «قادر، الحرب وقط النبي» للكاتبين بيتر ماثيوز وبينو كوبفر، والتي تحكي قصة قادر الشاب الألماني المنحدر من أصول تركية والعاشق لكرة القدم، لكن حياته تنقلب رأسا على عقب بعد اعتناقه للأفكار المتطرفة، لينضم بعد ذلك للقتال في صفوف تنظيم»الدولة الإسلامية«.
تسرد الرواية مسار حياة قادر، الذي وجد نفسه مفتونا بالفكر الجهادي في مرحلة المراهقة، إذ شكل المسجد ومدرسة القرآن المنبر الذي تعرف عبره على المتطرفين الإسلاميين، كما أن مشاهدته لفيديوهات مقاتلي داعش على يوتيوب جعلته تحت تخدير من نوع آخر، ليقرر بعدها السفر إلى سوريا عبر تركيا، تاركا صديقه المفضل مارك متسائلا عن مصيره.
تلقى قادر تدريباته في المعسكرات التابعة لتنظيم»الدولة الإسلامية«، حيث خطط هناك لهجمات ارهابية، تستهدف العشرات من الضحايا، ومن أجل تحقيق هذا الهدف فقد تضمن روتينه الغريب عدة مهام، منها مشاهدة أفلام العنف مع اقرانه في التنظيم، إضافة إلى المواظبة على حضور عمليات الإعدام العلنية التي يقوم بها التنظيم باسم الله. ومع مرور الوقت تمكن قادر من حمل الأسلحة بأنواعها، ليطلب منه بعد ذلك اغتصاب طفل وقع في يد تنظيم»الدولة الإسلامية«. واقع الإرهاب في ألمانيا تستهدف رواية بيتر ماثيوز وبينو كوبفر بأحداثها المشوقة جمهور القراء الصغار. ورغم أن قادر شخصية خيالية، إلا أنها تعكس حالات 800 شاب سافروا من ألمانيا للانضمام إلى داعش في سوريا. إذ أن ربع هؤلاء لديهم أصول تركية مثل قادر.
وفي النهاية تبقى الأرقام مخيفة جدا، فأزيد من 8000 إسلامي متطرف يتواجدون بألمانيا حسب إحصاءت المكتب الاتحادي لحماية الدستور، والكثير منهم يعتبرون خطرين. بيتر ماثيوز مؤلف روايات بوليسية بامتياز، ساهم بلمسته في إعطاء رواية» قادر، الحرب وقط النبي«بعدا من التشويق والإثارة، كما أنه جعل من شخصياتها فاعلة وسهلة التصديق. ليشكل رفقة بينو كوبفر فريقا مثاليا لهذا المشروع، إذ أن الرواية المكتوبة باللغة الألمانية مؤثرة ومثيرة للقلق في نفس الآن، وتطرح أسئلة صعبة دون تقديم أجوبة بسيطة. استغلال الشباب وإنتاج التطرف عمل بينو كوبفر كمحلل لسنوات في المكتب الاتحادي لحماية الدستور وذلك في الخلايا المكلفة بمحاربة الإرهاب.
كما تخصص في الدراسات الإسلامية في فرايبورغ بألمانيا، ويعد واحدا من علماء الآثار المشاركين في عمليات التنقيب بكل من سوريا واليمن. يحاول بينو كوبفر بالخبرة التي اكتسبها مساعدة زملائه في المكتب الإتحادي على فهم ما يؤدي بالشبان في ألمانيا إلى أن يصبحوا إرهابيين، وبهذا الصدد يقول بينو كوبفر:»للأسف هناك الكثير من الحقيقة في شخصية قادر المتخيلة، ولكن الإسلام كدين ليس سوى جزءا صغيرا من مجموعة الأسباب التي تدفع هؤلاء الشباب للجهاد مع داعش«. يرى بينو كوبفر بأن المتطرفين يستغلون مجموعة من القيم والمفاهيم من أجل استقطاب الشباب والتغرير بهم، كالشجاعة والشهرة، العدالة والكفاح، الجنة والجحيم، وهي كلمات سحرية غالبا ما تفعل مفعولها في عقولهم الفتية. «علينا أن نحل أزمات المراهقين وما يرافقها من أسئلة الهوية، ولكن للأسف يتلقى المراهقون الإجابات من الأشخاص الخطأ».
كثيرا ما يختبئ المتطرفون تحت غطاء الحرية الدينية، وهي نقطة ركز عليها الكاتبان في روايتهما، كما أن اختيار المكان الذي تدور في رحى الأحداث في الرواية لم يكن عبثيا من قبل الكاتبين، فهامبورغ حيت يعيش البطل قادر، قد تم اعلانها في الواقع منطقة للتطرف الديني بألمانيا شأنها في ذلك شأن الكثير من المناطق التي يستغلها المتطرفون لنشر أفكارهم واستقطاب الشباب المسلم بالخصوص، فبهذا التدقيق في عنصر المكان نجح بيتر ماثيوز وبينو كوبفر في تصوير العالم الذي يعيش فيه قادر، أي الأسرة التركية المحافظة، الأب غير المبالي، الأخت المتسلطة ومصدر العيش المتواضع.